وإذ أخذنا ميثاقكم أن تقرّوا به ، وأن تؤدّوه إلى أخلافكم ، وأن تأمروهم أن يؤدّوه إلى أخلافهم إلى آخر مقرّات في الدنيا ، ليؤمننّ بمحمّد نبيّ الله ، ويسلّمنّ له ما يأمرهم به في عليّ وليّ الله عن الله ، وما يخبرهم به من أحوال خلفائه بعده القوّامين بحقّ الله ، فأبيتم قبول ذلك ، واستكبرتموه.
(وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) الجبل ، أمرنا جبرئيل عليهالسلام أن يقطع من جبل فلسطين قطعة على قدر معسكر أسلافكم فرسخا في فرسخ ، فقطعها ، وجاء بها ، فرفعها فوق رؤوسهم ، وقال موسى عليهالسلام لهم : إمّا أن تأخذوا بما أمرتم به فيه ، وإمّا [أم] ألقي عليكم هذا الجبل ، وألجئوا إلى قبوله كارهين إلّا من عصمه الله من العباد (١) ، فإنه قبله طائعا مختارا ، ثمّ لمّا قبلوه سجدوا وعفّروا ، وكثير منهم عفّر خديه لا يريد الخضوع لله ، ولكن نظر إلى الجبل هل يقع أم لا ، وآخرون سجدوا طائعين مختارين.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم احمدوا الله ـ معاشر شيعتنا ـ على توفيقه إيّاكم ، فإنّكم تعفّرون في سجودكم لا كما عفّر كفرة بني إسرائيل ، ولكن كما عفّره خيارهم.
قال الله عزوجل : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) من هذه الأوامر والنواهي ، من هذا الأمر الجليل ، من ذكر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليّ وآلهما الطيّبين (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) فيما آتيناكم ، اذكروا جزيل ثوابنا على قيامكم به ، وشديد عقابنا على إبائكم له (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) تتّقون المخالفة الموجبة للعقاب ، فتستحقّون بذلك جزيل الثواب (٢).
__________________
(١) في طبعة : العناد.
(٢) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٦٦ / ١٣٤ ـ ١٣٥.