ثم قال فى تعدد الأرضين.
«لم يذكر القدماء شيئا فى أمر تعدد الأرضين سوى ما نقله ابن سينا عن قدماء حكماء الفرس من أن هنالك أراضى كثيرة غير أرضنا. وما زال الرأى السائد بين سائر الحكماء والفلاسفة ، بقول بعدم تعددها ، حتى جاء غاليلو المتوفى سنة ١٦٤٢ بمناظيره المكبرة والمقربة وكذلك من جاءوا بعده ، فأثبتوا بمشاهداتهم العينية الصادقة أن السيارات جميعها أراض كأرضنا ، وقد يكون بها ما بأرضنا من الجبال والوهاد والماء والهواء والخلائق والعمران. ولم يعتمدوا فى هذا التجويز إلا على الحدس والظن ، فإن مناظيرهم لم تثبت لهم ذلك بعد.
أما القرآن فقد صرح بتعدد الأرضين فى آية (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) ففي تفسير أبى السعود (من مفسرى القرن التاسع للهجرة) أن الجمهور على أنها سبع أرضين بعضها فوق بعض ، وفى تفسير النيسابورى أنها سبع أرضين ما بين كل واحدة منها إلى الأخرى مسيرة خمسمائة عام (١) وفى كل أرض منها خلق ـ إلى أن قال ـ وهم يشاهدون السماء من جانب أرضهم ويشهدون الضياء منها ومن أصرح الآيات فى أن السيارات أراض مأهولة آية الشورى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) إذ المراد بالسماوات هنا السيارات على ما يأتى لنا من التأويل. ومن الآيات
__________________
(١) مسألة تقدير المسافات التى بين السيارات مثلا بمسير خمسمائة عام يفسرها الشهرستانى بالدابة تسير فرسخا إسلاميا فى كل ساعة على ما هو المعروف ومصطلح عليه فى سائر الكتب الإسلامية ، مما يبلغ مجموعه نحو ١٦ ميلا تقريبا. وهو قريب جدا من تقديرات المتأخرين للمسافات الفاصلة بين السيارات كما يقول ذلك الأستاذ الشهرستانى فى كتابه المسمى (الهيئة والإسلام) ص ٩٠ ج أول.
(ومما يجدر ذكره أن الشهرستانى هذا ليس هو صاحب الملل والنحل بل هو أحد مجتهدى الشيعة المعاصرين لنا. واسمه هبة الله).