أن الوضوء بماء البحر
يجزى السائل وحده ، لأن السؤال خاص بالمتكلم ، فكذلك جوابه غير المستقل. أما غير
المتكلم فلا يعلم حكمه من هذا الجواب ، بل يعلم من دليل آخر كالقياس ، أو كقوله صلىاللهعليهوسلم : «حكمى على الواحد
حكمى على الجماعة». ذلك كله فى الجواب غير المستقل.
وأما الجواب المستقل : فتارة يكون مثل
السبب ، فى أنّ كلّا منهما عامّ أو خاصّ. وحكمه إذن أنه يساويه. فاللفظ العامّ
يتناول كلّ أفراد سببه العام في الحكم ، واللفظ الخاصّ مقصور على شخص سببه الخاصّ
في الحكم. وهذا محل اتفاق بين العلماء ، لمكان التكافؤ والتساوى بين السبب وما نزل
فيه. وأمثلة الأول ـ وهو العامّ فيهما ـ كثيرة. منها الآيات النازلة في غزوة بدر ،
والآيات النازلة في غزوة أحد من سورة آل عمران. ومثال الثانى ـ وهو الخاص فيهما ـ قوله
سبحانه في سورة الليل : (وَسَيُجَنَّبُهَا
الْأَتْقَى. الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى).
قال الجلال المحلى : هذا نزل في الصديق
رضى الله عنه ، لما اشترى بلالا المعذّب على إيمانه وأعتقه. فقال الكفار : إنما
فعل ذلك ليد كانت له عنده فنزلت : (وَما لِأَحَدٍ
عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى. إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى.
وَلَسَوْفَ يَرْضى).
واعلم أن هذا التمثيل لا يستقيم إلا على
اعتبار أن أل في لفظ «الأتقى» للعهد ، والمعهود هو الصدّيق رضى الله عنه.
وتارة يأتى الجواب المستقلّ غير متكافئ
مع السبب في عمومه وخصوصه.
وتحت ذلك صورتان : (إحداهما) عقلية محضة
غير واقعة ، وهى أن يكون السبب عاما واللفظ خاصّا. وإنما كانت عقلية محضة وفرضيّة
غير واقعة ، لأن حكمة الشارع تجلّ عن أن تأتى بجواب قاصر ، لا يتناول جميع أفراد
السبب. أضف إلى ذلك أنه يخلّ ببلاغة القرآن ، القائمة على رعاية مقتضيات الأحوال.
وهل يعقل أن يسأل.