مشروعا خاصا من أبي بكر وعمر ، ولكنّه اكتسب أهمية كبرى بعد بضع سنوات وذلك عند تثبيت النص القانوني للقرآن في أيام الخليفة عثمان.
وبعد وفاة أبي بكر أصبحت هذه المخطوطات الاولى الّتي قام بها زيد في حوزة الخليفة عمر الّذي عهد بها إلى ابنته حفصة ، أرملة النبيّ ؛ وهذا العمل سيؤكد عند الحاجة الصفة النافعة لهذا الجمع الأوّل للقرآن. ولكن من المقبول به انّ هناك مجالا للتمييز بين جمع المواد الّتي تؤلف الصحف وبين الكتابة الحقيقية المنسوبة إلى زيد ـ الكتابة المرتكزة على الصحف ـ. وفي هذه الحالة فان هذه الصحف ، وقد انتفع بها ، فقدت أهميتها واودعت لدى حفصة أرملة النبيّ كتذكار بسيط.
وفضلا عن ذلك ، فإنّ كتابة زيد هذه لم تكن وحيدة ؛ فقد عزيت بعض الكتابات الخاصّة إلى أربعة من رفاق محمّد هم : ابيّ بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، وأبو موسى الأشعري ، والمقداد بن عمرو. وهذه الكتابات كانت تمثل اختلافات في التفصيل لا نرى من لزوم لذكرها. أمّا ما يهمّنا ، فهو أنّ هذه الاختلافات تولد منها انقسامات بين المؤمنين. فقد تبنى أهالي دمشق اولى هذه الكتابات ، وتبنى الثانية أهالي الكوفة ، والثالثة أهالي البصرة ، والرابعة أهالي حمص. وهكذا أصبحت المنازعات الخطرة تهدد الإسلام. وتقول التقاليد أنّ القائد حذيفة أشار على الخليفة عثمان (نحو عام ٦٥٠ م) أن يقرر نصّا نهائيا للقرآن. وهكذا دعا عثمان زيد بن ثابت كاتب المخطوط الأوّل وضم إليه بعض القرشيين كمساعدين.
ويمكن الافتراض انّه كان لعثمان هدف سياسي بعمله هذا يعادل الهدف الديني. فقد وصل إلى الخلافة بجهد ، وكان أن عزّز مركزه بإقراره نصّا لا يتغيّر للكتاب المقدّس. وقد صنع منه عدّة نسخ حفظت واحدة منها في المدينة وأصبحت النسخة النموذجية «الإمام» ، وارسلت النسخ الاخرى إلى الكوفة والبصرة ودمشق ـ إلى المدن الّتي توجد فيها حاميات أو الّتي يتمسّك أهلها