فاعتذر معاوية انّهم بأرض جواسيس العدو بها كثير ، ولذلك ينبغي أن يعيش كذلك) (١).
وأرسل الخليفة عمر عبادة بن الصامت مقرئا لأهل الشام ، فغزا معاوية غزاة ، فغنموا آنية من فضّة ، فأمر معاوية أن تباع في أعطية الناس بمثلي ما فيه من الفضة فتسارع الناس إلى شرائها ، فبلغ عبادة بن الصامت فقال : إني سمعت رسول الله (ص) ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضّة بالفضّة ... إلّا سواء بسواء وعينا بعين ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى.
فردّ الناس ما أخذوه ؛ فبلغ ذلك معاوية ، فقام خطيبا فقال : ألا ما بال رجال يتحدّثون عن رسول الله أحاديث قد كنّا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه.
فقام عبادة بن الصامت ، فأعاد القصّة ، ثمّ قال : لنحدّثن بما سمعنا من رسول الله (ص) وإن كره معاوية أو قال : وإن رغم ، ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء (٢) ؛ وفي مسند أحمد ٥ / ٣١٩ ؛ والنّسائي ٧ / ٢٧٤ إنّي والله لا أبالي أن لا أكون بأرض يكون بها معاوية.
وفي أسد الغابة والنبلاء بترجمة عبادة : أنّ عبادة أنكر على معاوية شيئا فقال : لا اساكنك بأرض ، فرحل إلى المدينة ، فقال له عمر : ما أقدمك؟ فأخبره
__________________
(١) البداية والنهاية لابن كثير ٨ / ١٢٤ ، ولكنّه لم يذكر كلمة (هذا كسرى العرب).
(٢) في صحيح مسلم ٣ / ١٢١٠ ، حديث ٨٠ ، كتاب المساقاة ، ط. بيروت سنة ١٣٧٥ ه ، وتهذيب ابن عساكر ٧ / ٢١٥ ، ط. بيروت سنة ١٣٩٩ ه ، وقد أوردته ملخّصا من صحيح مسلم. وعبادة بن الصامت الأنصاري الخزرجي ، شهد مشاهد رسول الله كلّها وعاش إلى سنة أربع وثلاثين ، وتوفّي بالرملة أو ببيت المقدس ، ودفن هناك ، ترجمته في الاستيعاب ، ص ٤١٢ ، وأسد الغابة ٣ / ١٦٠ ، وتهذيب ابن عساكر ٧ / ٢٠٩ ـ ٢١٧ ، والإصابة ٢ / ٢٦٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ٥ ـ ١١.