فلو لم نكن نجد دليلا من الشرع او العقل على حجيته لكنا قائلين بعدمها ، لاصالة عدمها ، فكيف مع انا قد وجدنا ما يدل على عدمها ، ألا ترى ان الله قد منع عن اتباع الظن ووبخ عليه بقوله (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) ٣٦ يونس) اى انه قاصر عن اثبات متعلقه ذاتا لا يغنى عن تحصيل العلم اغناء ولا يقوم مقام العلم ابدا ، وقال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) ١٢ الحجرات) اى اجتنبوا اجتنابا كثيرا عن اتباع الظن وترتيب الاثر عليه ، وهو معنى عدم حجيته.
احتج المفصلون على حجيته عند الانسداد بتمهيد مقدمات ، الاولى : انا قد علمنا علما اجماليا بوجود تكاليف كثيرة واقعية من ايجاب وتحريم فى شرعنا وان الله قد اراد منا امتثالها ، الثانية : انه لا يمكن لنا تحصيل القطع التفصيلى بجميعها وامتثالها على ذلك النحو ، الثالثة : انه لم يقم عندنا طريق معتبر غير القطع ايضا من ظاهر الكتاب وخبر العدل وغير ذلك يكون وافيا باثبات جميعها وما حصل عندنا منه غير واف بتمام المطلوب وح فلا محيص عن القول بحجية الظن ، اذ لا طريق لنا فى الوصول الى تلك الاحكام المنجزة علينا غيره ، فهو غاية وسعنا فى رعايتها وامتثالها واسقاطها عن العهدة فيكون حجة بحكم العقل.
واجيب عنه بامور يرجع بعضها الى نقص مقدمات الاستدلال ، لكن القول السديد فى رده بحيث يكون جوابا على كل تقدير هو دعوى ان فى نصوص الكتاب العزيز والاخبار الصادرة عن اهل العصمة وكذا الاجماعات المنقولة المفيدة للاطمينان كفاية فى بيان الاحكام