وثانياً : ان مقتضى التنزيل هو اسراء حكم المنزل عليه الى المنزل لا جعل حكم مستقل للمنزل ، والمقام من قبيل الثاني ، فان حكم المنزل عليه انما هو الحكم على تقدير القطع بالواقع الحقيقي ، وحكم المنزل انما هو الحكم على تقدير القطع بالواقع الجعلي.
وثالثا : ان الحكم لو كان معلقا بالقطع بالواقع ، فحيث ان الواقع الجعلي هو اثر تنزيل المؤدى منزلة الواقع يلزم على هذا تعليق الحرمة على القطع بتلك الحرمة ، وسيأتي ان المحقق العراقي (قده) لا يجوّز ذلك. وجه اللزوم ان المفروض ان الحرمة علقت على القطع بالواقع الجعلي ، وليس جعل الواقع إلا عبارة عن التنزيل ، وليس التنزيل إلا عبارة عن اسراء الحكم وهو الحرمة الى المنزل عليه ، وهذا عبارة عن جعل الحرمة ، فتحصل ان الحرمة معلقة على القطع بالحرمة.
وان كان مراد المحقق العراقي انما هو المعلق عليه هو الجامع بين القطع بالواقع الحقيقي والقطع بالواقع الجعلي يرد عليه :
أولاً : انه هل يدعي كون هذا بعد تنزيل الجزء الآخر أو قبله؟ فان ادعى الأول كان خلاف المفروض ، وان ادعى الثاني قلنا ان الحكم الواقعي حينئذ انما هو معلق على القطع بالواقع الحقيقي ، فلم يكن حكم المنزل مطابقا لحكم المنزل عليه إلا على وجه المحال ، وهو ان يكون للتنزيل نظر الى ما هو متأخر عنه من الحكم الواقعي.
وثانياً : ان كان المراد الجامع بين القطع بالواقع الحقيقي ونفس عنوان القطع بالواقع الجعلي ، لم يكن احتياج الى التنزيل الثاني لكفاية القطع بالواقع الجعلي حينئذ في فعلية الحكم ، وان كان المراد الجامع بين القطع بالواقع الحقيقي وما كان منزلا منزلته بحيث اخذ في الفرض الثاني من الجامع عنوان التنزيل ، فحينئذ نحتاج الى تنزيل ثان ، لكن هذا ليس تنزيلا حتى مع التنزيل عن الاشكال الاول ، والقول بان المعلق عليه الحكم الواقعي ليس خصوص القطع بالواقع الجعلي ، بل الجامع بينه وبين ما نزل منزلته ، فانه بعد تسليم ذلك يكون المعلق عليه الحكم الواقعي الجامع