الشرعية أيضا. والأظهر هنا ما عن المشهور من التفصيل بين الموافق للواقع والمخالف له بالصحة في الأول دون الثاني ، لما مرّ سابقا من أن العلم والجهل لا مدخل لشيء منهما في صحتها ، بمعنى تأثيرها وترتب المسببات عليها ، وأن المدار في صحتها وفسادها هو مطابقة الواقع ومخالفته ، سواء صدرت عن الاجتهاد أو التقليد أو لا. من دون فرق بين صدور العقد أو الإيقاع ظانا بكونه سببا وبين الظن به بعد صدوره ، لأنه طريق إلى الواقع لا أنه مقيد به ، فافهم.
فما عن بعض من الفرق بينهما والحكم بالصحة في الأول دون الثاني ، مما لا وجه له جزما.
وتوهم الفساد ـ أي فساد معاملة الجاهل نظرا إلى شكه في تأثير ما يوجبه من العقد أو الإيقاع فلا يتأتى منه قصد الإنشاء المعتبر فيهما ـ فاسد ، لحصوله بقصد تحقق مضمون الصيغة كالانتقال والزوجية في البيع والنكاح مثلا.
وفي الفرائد : إنه يحصل مع العلم بفساد المعاملة أيضا كبيع الخمر والمغصوب ونحوهما فضلا عن الشك فيه ، وهو كذلك.
بل لا فرق في صحة معاملة الجاهل إذا انكشفت الصحة بعد الصدور بين شكه في صحتها وقت صدورها وبين قطعه بفسادها ، لما مر سابقا من أن صحتها وفسادها يدوران مدار الواقع ولا يتغيران بالعلم أو الجهل ظاهرا.
ويدل على ما ذكرنا ما ورد في براء بن معرور الأنصاري حين تطهّر بالماء من غير استناده إلى طريق معتبر ، وأخذه من الشارع عليهالسلام من قوله تعالى (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(١) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فكنت أنت أول من صنع هذا أول التوابين وأول المتطهرين. ودلالته
__________________
(١). سورة البقرة : ٢٢٢.