قوله سبحانه :
(فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) قال قتادة والربيع وابن جريح هو نصر المسلمين على عدوهم حتى ظفروا بهم وأخذوا الغنيمة ويجوز أن يكون ما آتاهم الله في الدنيا من النصر والظفر وأخذ الغنيمة ثوابا مستحقا لهم على طاعاتهم لأن في ذلك تعظيما لهم وتبجيلا ولذلك نقول إن المدح على أفعال الطاعة والتسمية بالأسماء الشريفة بعض الثواب ويجوز أن يكون الله أعطاهم ذلك تفضلا منه تعالى أو ما لهم فيه من اللطف فيكون تسميته بأنه ثواب مجازا.
قوله سبحانه :
(وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) قال ابن عباس الأجر في الدنيا الثناء الحسن والولد الصالح وقال الجبائي هو ما أمر الله به المكلفين من تعظيم الأنبياء ع وقال البلخي وذلك يدل على أنه يجوز أن يثيب الله تعالى في دار التكليف ببعض الثواب.
قوله سبحانه :
(ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) معناه نفي الإيهام عن خلقه إياهم لعبادته عن أن يكون ذلك لعائده نفع تعود إليه تعالى فبين أنه لعائده النفع على الخلق دونه تعالى لاستحالة النفع عليه ودفع المضار عنه لأنه غني بنفسه لا يحتاج إلى غيره والخلق محتاجون إليه.
قوله سبحانه :
(وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) قال الجبائي أي اجعل ذلك رزقا لنا وارزقنا الشكر عليه لأن الشكر لطف فيه وفي الآية دلالة على أن العباد يرزق بعضهم بعضا بدلالة قوله (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) لأنه لو لم يصح ذلك لم يجز أن يقول (خَيْرُ الرَّازِقِينَ) كما أنه لما لم يجز أن يكونوا آلهة لم يصح أن يقول أنت خير الآلهة وصح (أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) و (أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) و (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) وإنما قال (خَيْرُ الرَّازِقِينَ) لأنه تعالى إذا غضب على عبده لا يقطع رزقه ما دام حيا بخلاف الآدميين.
قوله سبحانه :
(فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً) إنما ذكر ذلك على وجه التأكيد