قوله سبحانه :
(وَلِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) معناه أنه يئول إليه أمر بالعباد في أنه لا يملك ضرهم
ولا نفعهم غيره عزوجل لأنه تبطل مملكة غيره في ذلك اليوم والأمر لنا دون
غيرنا كما يقال صار أمرنا إلى القاضي على معنى قرب المكان وإنما يراد بذلك أنه
المتصرف فينا.
قوله سبحانه :
(وَإِلَى اللهِ
تُرْجَعُ الْأُمُورُ) الناس في دار التكليف قد يغتر بعضهم ببعض فيعتقدون فيهم
أنهم يملكون جر المنافع إليهم وصرف المضار عنهم وقد تدخل عليهم الشبهة لتقصيرهم في
النظر في وجهه فيعبدون الجامدة والهامدة ويضيف كل هؤلاء أفعال الله عزوجل فيهم إلى غيره فإذا جاءت الآخرة واضطروا إلى المعارف
عرفوا أنه لا معبود سوى الله فردوا إليه أمورهم وانقطعت آمالهم من غيره (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) والأمور كلها لله وفي يده من غير خروج ورجوع حقيقي وقد
تقول العرب قد رجع علي من فلان مكروه بمعنى صار منه ولم يكن سبق إلي قبل هذا الوقت
وقد عاد إلي من زيد كذا وكذا وإن وقع منه ابتداء قال الشاعر :
فإن تكن
الأيام أحسن مرة
|
|
إلي فقد عادت
لهن ذنوب
|
أي صارت لها
ذنوب لم تكن من قبل بل كان قبلها إحسان وقد ملك الله العباد في دار التكليف أمورا
تنقطع بانقطاع التكليف وأفضى الأمر إلى دار الآخرة مثل ما ملكه الموالي من العبيد
وما ملكه الحكام من الحكم فيجوز أن يريد الله برجوع الأمر إليه انتهى ما ذكرناه من
الأمور التي يملكها غيره بتمليكه إلى أن يكون وحده مالكها وقال المرتضى الأمر
ينتهي إلى أن لا يكون موجودا قادرا غيره وتقتضي الأمور في الانتهاء إلى ما كانت
عليه في الابتداء لأن قبل إنشاء الخلق هكذا كانت الصورة وبعد إفنائهم هكذا يصير
وهو رجوع حقيقي لأنه عاد إلى ما كان عليه متقدما وقال الطوسي يرجع الأمر كله أي
يذهب إلى حيث ابتدأ منه فرجوع الأمر إلى الله بالإعادة بعد النشأة الأولى.
وقال الجبائي
ترجع الأمور إلى من لا يملكها سواه وتحتمل أيضا أن يكون المراد بذلك أن تعود
المقدورات الباقية إلى ما أفناه من مقدوراته كالجواهر والأعراض ترجع في مقدورات
البشر وإن كان باقية لما دل عليه الدليل من اختصاص مقدورات القدر باستحالة