وقال على بن إبراهيم في تفسيره (١) : حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن أبي ـ عبد الله عليهالسلام قال : ان الله عزوجل فرض التجمل. قلت : وما التجمل جعلت فداك. قال : أن يكون وجهك أعرض من وجه أخيك فتجمل له ، وهو قوله (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) الآية.
ويمكن أن يقال : الخير اما أن يتعلق بإيصال المنفعة أو بدفع المضرة ، والأول ان كان من الخيرات الجسمانية فهو الأمر بالصدقة ، وان كان من الخيرات الروحانية بتكميل القوة النظرية أو العملية فهو الأمر بالمعروف ، والثاني هو الإصلاح بين الناس ، فثبت أن الآية مشتملة على جوامع الخيرات ومكارم الأخلاق.
الثانية : (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) (الأنفال ـ ١).
(وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) أى الحال التي بينكم بالمواساة ومساعدة بعضكم بعضا فيما رزقكم الله. وبها استدل أيضا علي مشروعية الصلح بالمعنى المشهور ، وفيها الكلام السابق [المذكور].
الثالثة : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) (النساء ٣٥).
(إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما) خلافا بين المرء وزوجته (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) فابعثوا أيها الحكام متى اشتبه عليكم حالهما ليتبين الأمر أو إصلاح ذات البين رجلا وسيطا يصلح للحكومة والإصلاح من أهله وآخر من أهلها ، فإن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأطلب للصلاح.
(إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) الضمير الأول للحكمين والثاني للزوجين ، أى ان قصدا الإصلاح أوقع الله بحسن سعيهما الموافقة بين الزوجين. وقيل كلاهما للحكمين أى إن قصد الإصلاح يوفّق الله بينهما ليتّفق كلمتهما ويحصل مقصودهما وقيل : للزوجين ، أى ان أرادا الإصلاح وزوال الشقاق أوقع الله بينهما الألفة والوفاق.
__________________
(١) رواه في المجمع ج ٢ ص ١٠٩