واستدل صاحب الكشاف (١) بظاهر الخلود على تخليد الفساق. وفيه منع ، إذ يجوز أن يكون التخليد لاستحلالهم الربا وإنكارهم ما علم من الدين ضرورة ، فإن ذلك يوجب كفرهم. علي أنا لو سلمنا أن المراد عدم الاستحلال فحمل الخلود على المكث الطويل ممكن. وإطلاق الخلود على مثله غير عزيز ، فلا ينافي الأدلة العقلية القائمة على عدمه كما ثبت في محله.
ثم انه تعالى أكد التحريم بقوله (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) يذهب ببركته ويهلك المال الذي يدخل فيه ويبقى الإثم على صاحبه. وقد قيل (٢) للصادق عليهالسلام : قد نرى الرجل يربى فيكثر ماله. قال : يمحق الله دينه وان كثر ماله. وعن ابن عباس في تفسير المحق : ان الله تعالى لا يقبل منه صدقة ولا جهادا ولا منحا ولا صلة.
(وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) ينميها ويزيدها ويضاعف ثوابها ويبارك فيما أخرجت منه [أما في الدنيا فلأن من كان لله كان الله له ، فإذا كان الإنسان مع فقره وحاجته يحسن الى عبيد الله فالله مع غناه لا يتركه ضائعا ، وأما في الآخرة فلما] روي في الحديث عنه (٣) صلىاللهعليهوآله «ان الله يقبل الصدقة فيربيها كما يربي أحدكم مهره حتى ان اللقمة لتصير مثل أحد» وعنه (٤) «ما نقصت زكاة من مال قط». وتتفاوت حال التربية بحسب دفعها الى محالها الأحوج وحسن النية فيها.
والنكتة في الآية ان المربي إنما يطلب بالربا الزيادة ، ومانع الصدقة انما يمنعها
__________________
(١) انظر الكشاف ج ١ ص ٣٢١.
(٢) المجمع ج ١ ص ٣٩٠ وروى قريبا منه في المضمون في التهذيب ج ٧ ص ١٥ بالرقم ٦٥ فبما بينه لنا أئمتنا مهابط الوحي والتنزيل في تفسير الآية يندفع ما أورده في المنار ج ٣ ص ١٠٠ على المفسرين من تفسيرهم المحق بذهاب البركة بأن هذا مكابرة للمشاهدة والاخبار.
(٣) المجمع ج ١ ص ٣٩٠ وانظر أيضا الدر المنثور ج ١ ص ٣٦٥.
(٤) أخرجه في الكشاف ج ١ ص ٣٢١ ط دار الكتاب العربي قال ابن حجر من رواية العلاء عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ ما نقصت صدقة من مال الحديث. ورواه البزار من هذا الوجه فزاد قط.