عنه في الحكم فان قضاء الدين قبل الوصية ، لكونها شاقة على الورثة مزاحمة لهم في ميراثهم ، إذ هي تشبه الميراث في كونها مأخوذة من غير عوض ، فكأن أداءها مظنة التفريط ، بخلاف الدين فان نفوس الورثة مطمئنة إلى أدائه ، وكأن في تقديمها ترغيب لهم في أدائها وحث عليه.
وفي الآية دلالة على أن الموصى له يملك الوصية بمجرد الموت من غير توقف على القبول ، وهو قول الشيخ في الخلاف وموضع من المبسوط ، لانه تعالى جعل للورثة أنصباءهم بعد الوصية على الإطلاق ولم يقيدها بالقبول ، ولا يمكن بقاؤها على ملك الميت لانه لا يملك شيئا ، واستمرار ملكه في هذه الصورة مع الموت بعيد جدا ، فلم يبق الا أن يكون ملكا للموصى له والا يبقى بلا مالك ، وهو بعيد لاستحالة بقاء الملك بغير مالك ، ولأن الوصية على مضاهاة الإرث يملك بالموت.
وقضية هذا القول أن القبول كاشف عن الملك حين الموت ، بمعنى انه ان قبل الموصى له الوصية انكشف انه تملّكها بالموت ، وان لم يقبل انكشف ان الملك قد انتقل إلى الورثة بالوفاة. والأكثر من الأصحاب على أن القبول من الموصى له شرط في تحقق ملك الوصية على الموصى له ، كما أن الموت شرط في ذلك أيضا ، فإن الملك حادث فلا بد له من سبب وليس هو الموت وحده إجماعا ، ومن ثم لو ردّها بعد الموت رجعت الى ملك الورثة ، ولا القبول وحده والا لكفى بدون الموت وهو باطل إجماعا ، فتعين انهما معا سبب في الملك ، فمتى وجد الموت والقبول ملك الوصية.
وأجابوا عن الآية بأن المراد من بعد وصية مقبولة ، لأنه لو لم يقبل لكان ملكا للوارث ، وقبل قبولها ليست مقبولة.
والذي اختاره العلامة في التذكرة ان الوصية تنتقل الى الموصى له بوفاة الموصى لكن انتقالا متزلزلا غير مستقر ، فان قبله بعد الموت استقرت عليه وان رده انتقلت الى الوارث بالردّ.
وهو غير بعيد ، لأن انتقال الوصية بالموت الى الموصى له لو كان على وجه الاستقرار للزم عدم زوالها عنه بعد الموت بالرد كما لا يزول بالرد بعد القبول المتعقب