ظاهر معنى الركون والنّهى يتناول الانحطاط في هواهم ، والانقطاع إليهم ومصاحبتهم ومجالستهم وزيارتهم ومداهنتهم ، والرضي بأعمالهم والتشبّه بهم ، والتزيّي بزيّهم ومدّ العين إلى زهرتهم وذكرهم بما فيه تعظيم قولهم ، واستدامة ذكرهم فأما مداخلتهم لدفع ضرر عنه أو عن أحد من المؤمنين فلا قصور فيه.
(فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) بركونكم إليهم ، وإذا كان الرّكون إلى من وجد منه ما يسمّى ظلما بهذه المثابة فما ظنّك بالركون إلى الظّالمين أي الموسومين بالظّلم ثمّ الميل إليهم كلّ الميل ، وقد نقل عن بعض الأكابر أنّه لمّا قرأ الآية غشي عليه فلمّا أفاق قيل له فقال هذا فيمن ركن إلى من ظلم فكيف بالظالم؟ وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من دعا لظالم بالبقاء فقد أحبّ أن يعصى الله في أرضه (١) وفي الآية دلالة على النهي عن الظلم والتهديد عليه على أبلغ وجه بمسيس النّار إذ كان يحصل بأدنى ميل إلى من ظلم فكيف بالظّلم نفسه والانهماك فيه.
(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) حال من قوله (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) أي فتمسّكم النار وأنتم على هذه الحال ، والمعنى وما لكم من دون الله من أنصار يقدرون على منعكم من عذابه (ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) أي ثمّ لا ينصركم هو لأنّه وجب في حكمته تعذيبكم وترك الإبقاء عليكم و «ثمّ» لاستبعاد نصره إيّاهم وقد أوعدهم بالعذاب وأوجبه لهم
__________________
(١) الحديث أخرجه الكشاف ج ٢ ص ٤٣٤ عند تفسير الآية قال ابن حجر في الشاف الكاف قد رواه البيهقي في السادس والستين من الشعب من رواية يونس بن عبد عن الحسن من قوله وذكره أبو نعيم في الحلية من قول سفيان الثوري.
وقال ملا علي القارئ في الموضوعات الكبير ص ١١٩ بعد ذكره الحديث ذكره الغزالي في الاحياء والزمخشري في تفسيره قال السخاوي ولم نره في المرفوع بل أخرجه أبو نعيم في الحلية من قول سفيان الثوري وقال ابن الجوزي وكل ما يروى في معناه موضوع أى بحسب إسناده ومبناه ، والا فلا شك في صحة معناه ، وقد قال العراقي في تخريج أحاديث الاحياء رواه ابن أبى الدنيا في كتاب الصمت في قول الحسن البصري وكذا قال العسقلاني في تخريج الكشاف انتهى.