والفرق بين إثبات التنافي بطريقة الميرزا هذه واثباتها بدعوى الاستبطان المذكور سابقا انه على طريقة الميرزا لا يكون هناك تناف بين وجوب المطلق والنهي على نحو الكراهة عن حصّة من حصصه ، لان الكراهة لا تنافي الترخيص. ومن هنا فسّر الميرزا كراهة الصلاة في الحمّام وامثالها ، وامّا على مسلك الاستبطان المذكور سابقا فالتنافي واقع بين الامر بالمطلق والنهي عن الحصّة سواء كان تحريميا او كراهتيا ..
ولكن التحقيق ان طريقة الميرزا هذه في اثبات التنافي (١) غير وجيهة لان الاطلاق ليس ترخيصا في التطبيق ولا يستلزمه ، أمّا انه ليس ترخيصا فلأن حقيقة الاطلاق كما تقدّم هو عدم لحاظ القيد مع الطبيعة (٢) عند ما يراد جعل الحكم عليها ، واما انه لا يستلزم الترخيص (٣) فلأن عدم لحاظ القيد انما يستلزم عدم المانع من قبل الامر في تطبيق متعلقه على ايّ حصّة
__________________
(١) بين الترخيص في التطبيق على ايّ مصداق من مصاديق الواجب وبين النهي التحريمي ـ لا النهي الكراهتي ـ.
(٢) أي مع لحاظ الطبيعة ، اي وانما الاطلاق هو لحاظ الطبيعة فقط ـ ببيان تقدم في بحث الاطلاق ـ وليس فيه نظر الى الترخيص في التطبيق على الحصص.
(٣) وبتعبير آخر : إن اطلاق الصلاة في قول الشارع «صلّ» لا يستلزم الترخيص في تطبيق الصلاة المأمور بها في الحمام وانما إذا جاء «لا تصلّ في الحمام» يجمع بينهما بالجمع العرفي فيحمل النهي على الكراهة او يقيّد «صلّ» فيصير «صلّ الّا في الحمّام» ، نعم يصحّ كلام المحقق النائينى رحمهالله إن رخّص المولى تعالى ـ رغم قوله «لا تصلّ فى الحمّام» ـ في تطبيق الصلاة المأمور بها على «الصلاة في الحمّام» فانه في هذه الحالة يحصل تعارض مستقرّ بين «صلّ» و «لا تصلّ في الحمّام» فافهم.