من أفطر بالعجز ، وإن كان كلّ منهما واجبا ، وبالجملة مفادها أنّ الصوم خير من الفدية وإن كان كلّ واحد في محلّ ، وقال البيضاوي : معناها وأن تصوموا أيّها المطيقون (١) أو المطوّقون وجهدتم طاقتكم أو المرخّصون في الإفطار ليندرج تحته المريض والمسافر خير لكم من الفدية أو تطوّع الخير أو منهما ومن التأخير للقضاء ، ولا يخفى أنّ مقتضى الأوّل التخيير بين الفدية والصوم للمطيقين بالجهد ، وظاهر الآية وإن كان فيه دلالة عليه إلّا أنّه قد يعدل عن الظاهر لدليل اقتضاه وقد عرفته أمّا شمول الحكم للمسافر والمريض حتّى يكون فيها دلالة على خيريّة الصوم في السفر والمرض بالنسبة إلى الإفطار كما صرّح به فبعيد عن ظاهر الآية لانقطاع الكلام عنها بالمرّة وما بيّنّاه سابقا من اقتضاء صدر الآية تعيّن الإفطار عليهما ، وبذلك وردت الأخبار كما ما عرفت هذا.
وقد نقل في تفسير الآية وجه آخر رواه عليّ بن إبراهيم بإسناده عن الصادق عليهالسلام (٢) قال : وعلى الّذين يطيقونه فدية من مرض في شهر رمضان فأفطر ثمّ صحّ ولم يقض ما فاته حتّى جاء شهر رمضان آخر فعليه أن يقضى ويتصدّق عن كلّ يوم مدّا من طعام ، وهذا غير بعيد عن ظاهر الآية فإنّه لمّا حكم أنّ على المسافر والمريض عدّة من أيّام أخر أراد أن يبيّن أنّهما إذا لم يقضيا العدّة مع الإمكان كان عليهما مع القضاء الفدية كما يعلم تفصيله من الأخبار الدالّة على وجوب القضاء على ذلك التقدير وإعطاء الفدية.
أمّا وجوب القضاء على ذلك التقدير فلا خلاف فيه بين أصحابنا وعموم من كان مريضا. الآية يدلّ عليه بل هذا العموم يقتضي وجوب قضاء الصوم الفائت في المرض سواء صحّ فيما بين الرمضانين أو لم يصحّ ، وإليه ذهب جماعة من الأصحاب ، والمشهور فيما بينهم أنّه مع استمرار المرض إلى الرمضان الثاني سقط عنه قضاء الأوّل ويتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام وهؤلاء يخصّون العموم السابق بمن صحّ وتمكّن من القضاء
__________________
(١) انظر البيضاوي ص ٣٨.
(٢) انظر تفسيره ط تبريز ١٣١٥ ص ٣٤ ورواه عند في المجمع ج ١ ص ٢٧٤ ونور الثقلين ج ١ ص ١٣٩ الرقم ٥٦٣ : والبرهان عن المجمع ج ١ ص ١٨١ الرقم ١٢.