استدلال العلّامة بالآية على السقوط عمّن لم يطق أصلا لا أظنّه إلّا من باب مفهوم الوصف أو غيره الّذي ليس بحجّة عند محقّقي أصحابنا ، وحينئذ فلا مانع من ثبوت الفدية على الّذين يطيقونه بهذه الآية وعلى غيرهم بدليل آخر أو أنّ المراد بالّذين يطيقونه الّذين كانوا يطيقونه بلا مشقّة كما مرّ في مرسلة ابن بكير على أنّ الأخبار عامّة في ثبوت الفدية على من لم يطق الصوم سواء أطاقه بتكلّف أولا ، وما ذكره العلّامة من تأويلها بعيد عن الظاهر لا موجب للمصير إليه إلّا بدليل صريح يقتضيه وهو غير معلوم هنا ، والأصل مندفع بعد قيام الدليل على خلافه ، ولعلّ العلّامة في المنتهى لذلك رجّح قول الشيخ حيث قال : وكلام الشيخ جيّد. إذ لا نزاع في سقوط التكليف بالصوم للعجز لكنّا نقول : إنّه سقط إلى بدل هو الكفّارة عملا بالأحاديث الدالّة عليه ، وهي مطلقة لا دلالة فيها على التفصيل الّذي ذكره المفيد. فيجب حملها على إطلاقها هذا ، ومقتضى صحيحة محمّد بن مسلم عدم القضاء على الشيخ وذي العطاش بعد الصحّة وهو كذلك عند أكثر الأصحاب فأوجبه بعضهم وهو بعيد أمّا الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن فظاهر الصحيحة السابقة وجوب القضاء عليهما بعد الصحّة ، وهو غير بعيد ، وذهب إلى عدمه بعض الأصحاب ، وفيه نظر.
(فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) فزاد في الفدية بأن أطعم أكثر من مسكين واحد أو أطعم المسكين أكثر من قدر الكفاية حتّى زاده على نصف صاع أو بزيادة في الإدام.
(فَهُوَ) فالتطوّع بالزيادة أو بالخير.
(خَيْرٌ لَهُ) وأحسن عند الله.
(وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) يعني صومكم خير لكم من الإفطار لما فيه من المصالح الخفيّة.
(إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ما فيه من الفضيلة والمصلحة أو إن كنتم من أهل العلم فيكون فيه إشارة إلى إظهار فضيلة الصوم من غير تعلّق بما نحن فيه ، وفضائل الصوم كثيرة لا تحصى.
ويحتمل أن يكون المراد الصوم لمطيقه خير : أي أكثر ثوابا من ثواب فدية