(رِزْقاً لَكُمْ) إمّا حالا أو مفعولا له : أى حال كونه رزقا أو لأجل رزقكم ، ويؤكّد التبعيض اكتناف المنكرات [النكرين خ ل] أعنى ماء ورزقا فكأنّه قال : وأنزلنا من السماء بعض الماء فأخرجنا به بعض الثمرات ليكون بعض رزقكم هذا هو المطابق للواقع. إذ لم ينزل من السماء الماء كلّه ولا أخرج بالمطر كلّ الثمرات ولا جعل الرزق كلّه في الثمرات ، ويجوز أن يكون للبيان قدّم على المبيّن كقولك : أنفقت من الدراهم ألفا ، وخروج النبات وإن كان بقدرة الله ومشيئته ولكن جعل الماء الممزوج بالتراب سببا في إخراجها ومادّة لها كالنطفة للحيوان في خلق الولد بأن أجرى عادته بإفاضة صورها وكيفيّاتها على المادّة الممزوجة منهما أو أبدع في الماء قوّة فاعلة ، وفي الأرض قوّة قابلة يتولّد من اجتماعهما أنواع الثمار وهو قادر على أن يوجد الأشياء كلّها بلا أسباب وموادّ كما أنشأ نفوس الأسباب والموادّ ولكن له في إنشائها مندرجا لها من حال إلى حال حكما ودواعي تتجدّد فيها لاولى الأبصار عبر وسكون إلى عظيم قدرته ليس في إيجادها دفعة.
وقد يستدلّ بها على إباحة جميع اللباس في الصلاة وغيرها إلّا ما أخرجه الدليل نظرا إلى أنّ الثمرة أعمّ من المطعوم والملبوس ، وفيه نظر. إذ الثمرة المخرجة هي الرزق لا غير فلا وجه لتناولها الملبوس إلّا أن يقال : إنّ الرزق متناول لذلك فإنّ المراد به ما يصحّ الانتفاع به ، ولا يكون لأحد المنع منه كما صرّح به في التبيان ، وحينئذ فيدخل الجميع ، وفيه تأمّل.
(فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) يحتمل تعلّقها باعبدوا : أي اعبدوا ربّكم فلا تجعلوا له أندادا لأنّ أصل العبادات وأساسها التوحيد ، وأن لا يجعل له ندّ ولا شريك ، ويحتمل أن يكون منصوبا بإضمار أن جوابا للأمر ، ويحتمل تعلّقه بلعلّ على أن ينتصب تجعلوا انتصاب فاطّلع في قوله تعالى (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) أي خلقكم لكي تتّقوا وتخافوا عقابه فلا تشبّهوه بخلقه كذا في الكشّاف ويحتمل تعلّقه بالّذي جعل إن استأنفت به على أنّه نهي وقع خبرا على تأويل مقول فيه لا تجعلوا وصحّ الفاء لتضمّن معنى الشرط ، والمعنى من جعلكم بهذه النعم الجسام