(وَرِيشاً) هو لباس الزينة أستعير من ريش الطائر لأنّه لباسه وزينته : أيّ أنزلنا عليكم لباسين : لباسا يوارى سوآتكم ، ولباسا يزيّنكم لأنّ الزينة غرض صحيح كما قال (لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) فالأوّل واجب ، والثاني مستحبّ لأنّ الله تعالى يحب أن يرى آثار نعمته على عبده كما في بعض الأخبار ، ويمكن فهم اشتراط اباحة اللباس منهما لأنّه تعالى ، لا يمنّ بإعطاء الحرام.
(وَلِباسُ التَّقْوى) أي لباس الورع والخشية من الله أو الإيمان أو لباس يقصد به الاتّقاء في الحروب كالدروع والجواشن والمغافر أو مطلق اللباس الّذي يتّقى به من الحرّ والبرد وهو مبتدا خبره.
(ذلِكَ خَيْرٌ) امّا على معنى أنّ لباس التقوى هو خير فإنّ أسماء الإشارة تقرب من الضمائر فيما يرجع إلى عود الذكر وامّا لأنّ ذلك صفة للمبتدإ كأنّه قيل : ولباس التقوى المشار إليه خير ، ولا تخلوا الإشارة من التعظيم أو يكون ذلك إشارة إلى اللباس المواري للسوءة وصحّ لأنّ اللباس المواري للسوءة عين لباس التقوى ويكون فيه تفضيل على لباس الزينة. وقرئ منصوبا عطفا على لباسا فيكون اللباس ثلاثة أقسام قد امتنّ الله به على خلقه ، والمشار إليه بذلك يحتمل كونه الأخير بمعنى اللباس الّذي يتّقى به من الحرّ والبرد وكونه خيرا ظاهرا لأنّه يحصل به الستر والحفظ عن الضرر بخلافهما ، ويحتمل رجوعه إلى اللباس مطلقا لظهور ما فيه من الخير والمنفعة والمصلحة ما لا يخفى.
(ذلِكَ) أي إنزال الموصوف بالصفات المذكورة.
(مِنْ آياتِ اللهِ) الدالّة على فضله ورحمته على عباده.
(لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) فيعرفون نعمته أو يتعظّمون فيمتنعون من القبائح قال في الكشّاف وهذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقيب ذكر بدو السوآت وخصف الورق عليها إظهارا للمنّة ممّا خلق من اللباس ، ولما في العرى وكشف العورة من الإهانة والفضيحة ، وإشعار بأنّ التستر باب عظيم من أبواب التقوى ، ومقتضى الآية وجوب الاستتار على كلّ أحد خصّ فيه بعض الأفراد لغيرها من الآيات والأخبار