بها إلى هذا العهد. وبلغ الثالث إلى قسطنطينيّة فدرسها (هدمها ومحى أثرها
نهائيّا) ودوّخ بلاد الرّوم ورجع ...
قال : وهذه
الأخبار كلّها بعيدة عن الصحّة ، عريقة في الوهم والغلط ، وأشبه بأحاديث القصص
الموضوعة ... ثمّ أخذ في التدليل على بطلانها بأساليب النقد النزيه ... وهكذا يقول الدكتور السيد سالم ـ في حديثه عن تاريخ
جاهليّة العرب ـ : «لا شكّ أنّ ما رواه العرب عن فتوحاته لا يعدو قصصا خرافيّة. والثابت
أنّه (تبّع الأكبر ـ شمر يرعش) انتصر على مناطق من بلاد العرب الجنوبيّة وأنّه
تغلّب على قبائل تهامة التي كانت تسكن على ساحل البحر الأحمر ...».
وهكذا يستبعد
الدكتور «هبو» تلك الأخبار عن ملوك التبابعة ، يقول : «فعصر التبابعة عند العرب من
أزهى العصور وأكثرها إثارة لخيالهم الخصب ، إذ يرون القصص الخياليّة والأساطير عن
قوّتهم وعظمتهم ، فينسبون إليهم غزو إفريقيا والهند والصين وإخضاع فارس وبلاد ما
وراء النهر ومصر والمغرب ... ممّا دعا ابن خلدون إلى وصف هذه الروايات بالوهم
والغلط ...».
* * *
تلك أساطير
بائدة أو شئت فقل قصص شعبيّة حاكتها أوهام خيال هي أشبه بطيف أحلام.
إنّ سبأ كانت
في أوّل أمرها إمارة أو مشيخة صغيرة تحكم ناحية صغيرة من اليمن ، ثمّ أخذت تتّسع
حتى شملت اليمن كلّه وحضرموت وتهامة. هذا فحسب ولم تتعدّ حدود اليمن في يوم من
الأيّام.
كانت عاصمة سبأ
مدينة مأرب حتى نهاية القرن الثالث للميلاد ، ثمّ حلّت محلّها
__________________