رضي بإرسال جيش صغير بطريق البحر. ولكن ملك ليديا «كرزوس» لم ينتظر وصول
النجدات من حلفائه ، بل أسرع بالهجوم وعبر نهر «هاليس» (قزل أرماق) وضرب البلاد
التي في طريقه.
وفجأة اصطدم
بجيش كورش عند مدينة «بتريّة» أو «بتريوم» ـ العاصمة القديمة للحيثيّين ـ ودارت رحى حرب ضروس بين الجيشين ... واضطرّ الملك
الليدي إلى الانسحاب غربا حتّى حدود مملكته.
واندفع كورش
نحو «مغرب الشمس» متقدّما بسرعة وباغت جيش ليديا عند أسوار العاصمة (سارد) أو (سارديس)
فسحق الجيش الليدي منذ الحملة الاولى ووقع الملك الليدي أسيرا وجميع قادة جيشه
وجنوده سنة ٥٤٦ ق. م. وهنا يأتي دور الآية الكريمة : (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا
أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً ...).
قال الدكتور
خضر : كان العالم القديم آنذاك قد تعوّد من الملوك الفاتحين المنتصرين تدمير
البلاد المقهورة التي تخرج مغلوبة مهزومة من المعارك الحربيّة ... ولكن كورش عامل
كرزوس بالحسنى ـ وفقا للآية الكريمة ـ كما كانت شيمته الكريمة مع سائر الملوك
المغلوبين ، كان يعاملهم الحسنى ، كما فعل بملك ماد وملك أرمنستان وغيرهما.
ويذكر هيرودوت
أنّ كورش كان يودّ ـ في بداية الأمر ـ أن يختبر صلابة الملك الأسير وإيمانه فأمر
بإضرام النار ليلقى فيها ، ثمّ عدل عن ذلك ـ رأفة ورحمة به ـ وزاد من إكرامه
وتعزيزه ، وبلغ من إكرامه أن اتّخذه مستشارا كان يستشيره في مهامّ اموره.
وأمّا بقيّة
رواية هيرودوت من إلقاء الملك الأسير ـ فعلا ـ في النار ، ثمّ عنّ له ـ لبادرة
بدرت من كرزوس ـ فأمر بإنجائه وذويه من النار ... فإنّ المحقّقين من أرباب
__________________