الباب! قال : أعوذ بالله من ذلك ، وما قالت اليهود؟ قال : قالت اليهود : «يد الله مغلولة» يعنون أنّ الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئا. (١)
وروى الصدوق بإسناده إلى إسحاق بن عمّار عمّن سمعه عن الصادق عليهالسلام أنّه قال في الآية الشريفة : لم يعنوا أنّه هكذا (أي مكتوف اليد) ولكنّهم قالوا : قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص. فقال الله جلّ جلاله تكذيبا لقولهم : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ). (٢) ألم تسمع الله عزوجل يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ). (٣)
قال عليّ بن إبراهيم ـ في تفسير الآية ـ : قالوا : قد فرغ من الأمر لا يحدث الله غير ما قدّره في التقدير الأول ، بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء أي يقدّم ويؤخّر ويزيد وينقص وله البداء والمشيئة. (٤)
وهكذا روى العيّاشي في تفسيره عن حمّاد عن الصادق عليهالسلام. (٥)
ورواياتنا بهذا المعنى متضافرة.
وقد تعرّض الراغب الأصفهاني لذلك أيضا قال : قيل : إنّهم لمّا سمعوا أنّ الله قد قضى كلّ شيء قالوا : إذن يد الله مغلولة أي في حكم المقيّد لكونها فارغة. (٦)
ويبدو من كثير من الآيات القرآنية التي واجهت اليهود بالذات دفعا لمزعومتهم أن لا تبديل بعد تقدير ، أنّ هناك عقيدة كانت تسود اليهود في عدم إمكان التغيير عمّا كان عليه الأزل. الأمر الذي يشي بجانب من قضية الجبر في الخلق والتدبير ممّا كانت عليه الامم الجاهلة ، ومنهم بنو إسرائيل. فهناك في حادث تحويل القبلة اعترضت اليهود على هذا التحويل ، فنزلت الآية (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ). (٧) قال ابن عبّاس : إنّ اليهود استنكروا تحويل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة.
__________________
(١) المصدر : ص ٩٦ ، رقم ٢. وراجع : عيون أخبار الرضا ، ج ١ ، ص ١٤٥ ، باب ١٣ ، رقم ١.
(٢) المائدة ٥ : ٦٤.
(٣) الرعد ١٣ : ٣٩. راجع : كتاب التوحيد للصدوق ، ص ١٦٧ ، باب ٢٥ ، رقم ١.
(٤) تفسير القمي ، ج ١ ، ص ١٧١.
(٥) تفسير العيّاشى ، ج ١ ، ص ٣٣٠ ، رقم ١٤٧.
(٦) المفردات ، ص ٣٦٣.
(٧) البقرة ٢ : ١١٥.