وإن كانت عقيدة
الزرادشتيّين ـ الواقعة في شأن هذين الإلهين الأخيرين تكتنفها حالة من الإبهام
والغموض.
وعلى كل حال فإنّ
الاعتقاد بتعدّد الذات الإلهية كان أحد الدوافع وراء عبادة غير الله ، والسبب
للشرك في العبادة ، وقد أبطل القرآن الكريم بالبراهين العديدة الواضحة أساس مثل
هذا الاعتقاد.
ب) تصوّر ابتعاد
الخالق عن المخلوق :
وقد كان الدافع
الثاني لعبادة الله هو تصوّر ابتعاد الله عن المخلوق ، بمعنى أنّهم كانوا يظنّون
أنّ الله بعيد عن المخلوقين لا يسمعهم ولا تبلغه أدعيتهم وطلباتهم.
ولذلك اختاروا
وسائل ظنّوا أنّها تتكفّل إيصال أدعيتهم إليه ، وكأنّ المقام الربوبي كالمقامات
البشرية لا يمكن الوصول إليها إلّا عن طريق الوسائط ، ومن أجل هذا راحوا يعبدون
القدّيسين والملائكة والجن والأرواح لتوصل دعواتهم إلى المقام الربوبي.
ولقد أبطل القرآن الكريم
هذه التصورات ببيانات متنوعة ومتعدّدة يقول فيها : بأنّ الله أقرب من كل قريب.
وأنّه تعالى يسمع
سرهم ونجواهم وعلانيتهم.
وأنّه تعالى محيط
بما يسرّون ويعلنون.
ولذلك فلا حاجة
إلى اتّخاذ تلك الآلهة المصطنعة ، ولا حاجة إلى عبادتها ، إذ لو كان الهدف من
عبادتها هو توسّطهم لإيصال مطالبهم إلى الله فالله يعلم بها جميعاً وهو الذي لا
يعزب عنه شيء.