(وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ) ، أي الميراث ، (أَكْلاً لَمًّا) ، شديدا وهو أن يأكل نصيبه ونصيب غيره ، وذلك أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصبيان ، ويأكلون نصيبهم. قال ابن زيد : الأكل اللم الذي يأكل كل شيء يجده لا يسأل عنه إحلال هو أم حرام ، ويأكل الذي له ولغيره ، يقال : لممت على الخوان إذا أتيت ما عليه فأكلته.
(وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) (٢٠). أي كثيرا يعني يحبون جمع المال ويولعون به ، يقال : جم الماء في الحوض إذا كثر واجتمع.
(كَلَّا) ، ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر.
وقال مقاتل : أي لا يفعلون ما أمروا به من إكرام اليتيم وإطعام المسكين ، ثم أخبر عن تلهفهم على ما سلف منهم حين لا ينفعهم ، فقال عزّ من قائل : (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) ، مرة بعد مرة وكسر كل شيء على ظهرها من جبل وبناء وشجر فلم يبق على ظهرها شيء.
(وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣) يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (٢٦) يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨))
(وَجاءَ رَبُّكَ) ، قال الحسن : جاء أمره وقضاؤه (١). وقال الكلبي : ينزل (٢) حكمه ، (وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) ، قال عطاء : يريد صفوف الملائكة ، وأهل كل سماء صف على حدة. قال الضحاك : أهل كل سماء إذا نزلوا يوم القيامة كانوا صفا محيطين (٣) بالأرض ومن فيها فيكون سبع صفوف.
(وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) ، قال عبد الله بن مسعود ومقاتل في هذه الآية : تقاد جهنم بسبعين [ألف] زمام كل زمام [بيد](٤) سبعين ألف ملك يقودونها ، لها تغيظ وزفير حتى تنصب على يسار العرش. (يَوْمَئِذٍ) يعني يوم يجاء بجهنم ، (يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) ، يتعظ ويتوب الكافر ، (وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) ، قال الزجاج : يظهر التوبة ومن أين له التوبة.
(يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) (٢٤) ، أي قدمت الخير والعمل الصالح لحياتي في الآخرة ، أي لآخرتي التي لا موت فيها.
(فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) (٢٦) ، قرأ الكسائي ويعقوب (لا يُعَذِّبُ) ، (وَلا يُوثِقُ) بفتح الذال والثاء على معنى لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله يومئذ ، ولا يوثق كوثاقه يومئذ ، وقيل : هو رجل بعينه. وهو أمية بن خلف. يعني لا يعذب كعذاب هذا الكافر أحد ، ولا يوثق كوثاقه أحد ، وقرأ الآخرون بكسر الذال والثاء ، أي لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله الكافر يومئذ ، ولا يوثق
__________________
(١) لا يصح مثل هذا عن الحسن ، ومذهب السلف إثبات الصفات ، من غير تكييف ولا تعطيل ولا تشبيه ، ليس كمثله شيء.
(٢) في المخطوط «تنزيل».
(٣) في المطبوع «مختلطين».
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) العبارة في النسخ قبل لفظ «كل» لذا كان السياق غير متسق.