وتحت قدميه ، فلمّا رأى أنّ (١) ذلك لم يقتله أمر بأوتاد طوال (٢) من حديد فوتّدت (٣) في رأسه فسال منها دماغه ، وأمر بالرصاص فأذيب وصبّ على إثر ذلك ، ثمّ أمر بسانية (٤) من حجارة كانت في السجن لم ينقلها إلّا ثمانية عشر رجلا فوضعت على بطنه ، فلمّا أظلم الليل وتفرّق عنه الناس رآه أهل السجن وقد جاءه ملك ، فقال له : يا جرجيس ، إنّ الله تعالى جلت عظمته يقول : اصبر وأبشر ولا تخف ، إنّ الله معك يخلّصك ، وإنّهم يقتلونك أربع مرّات ، في كلّ ذلك أدفع (٥) عنك الألم والأذى.
فلمّا أصبح الملك دعاه فجلده بالسياط على الظهر والبطن ، ثمّ ردّه إلى السجن ، ثمّ كتب إلى أهل مملكته أن يبعثوا إليه بكلّ ساحر فبعثوا بساحر استعمل كلّ ما قدر عليه من السحر فلم يعمل فيه ، ثمّ عمد إلى سمّ فسقاه ، فقال جرجيس : «بسم الله الّذي يضلّ عند صدقه كذب الفجرة وسحر السحرة» فلم يضرّه.
فقال الساحر : لو أنّي سقيت بهذا السمّ (٦) أهل الأرض لنزعت قواهم ، وشوّهت خلقهم ، وعميت أبصارهم ، وأنت ـ يا جرجيس ـ النور المضيء والسراج المنير والحقّ اليقين ، أشهد أنّ إلهك حقّ وما دونه باطل ، آمنت به وصدّقت رسله وإليه أتوب ممّا فعلت ؛ فقتله الملك.
__________________
(١) قوله : (أنّ) لم يرد في «ر» «س» «ص».
(٢) قوله : (طوال) ليس في «ر» «س».
(٣) في «ر» «س» : (فوقّرت) ، وفي «ص» (فوقدت) ، وفي البحار : (فوقذت) ، وفي الكامل والعرائس : (فسمّر بها رأسه).
(٤) في البحار : (بسارية) ، والسارية : الأسطوانة ، وعند الملّاحين العمود الذي ينصب في وسط السفينة.
(٥) في البحار : (أرفع).
(٦) قوله : (السم) ليس في «ر» «س» «ص» والبحار.