بالعقل أو النقل القطعيّ ؛ لأنّ الشكّ إنّما ينشأ (٢٥٠١) من تغيّر بعض ما
______________________________________________________
وجوب النظر في السابق موجود في اللاحق أيضا ، لأنّه من لوازم القول بعدم خلوّ الزمان من معصوم ، ولا فرق في مؤدّاه بين الزمانين.
وفذلكة المقام : أنّ كلّ مورد كان المستصحب هو نفس الاعتقاد ، أو كان الاعتقاد جزءا منه أو موضوعا له ، أو جزءا من موضوعه ، لا مسرح للاستصحاب فيه. نعم ، يعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب متيقّنا ، بمعنى كون اليقين طريقا إلى إثباته أو إثبات أحكامه ، لا موضوعا أو جزءا منه. فالمستصحب هو ذات المتيقّن لا بوصف التيقّن ، وإلّا لا يصحّ استصحابه كما عرفت. ولا فرق فيما قدّمناه بين الاعتقاد الجزمي والوثوقي والظنّي ، بل ولا يجري الاستصحاب أيضا فيما أخذ الشكّ والوهم فيه أيضا. فالشيء بوصف كونه مشكوكا فيه لا يجري فيه الاستصحاب بعد زوال الشكّ عنه. والوجه في الكلّ متّحد.
ومن هنا يظهر عدم الفرق في عدم جريان الاستصحاب في اصول الدين بين القول باعتبار اليقين فيها ، وبين القول بكفاية الوثوق أو الظنّ فيها ، على اختلاف الأقوال. نعم ، لو قلنا باعتبار الاستصحاب من باب الظنّ أمكن الفرق بينها كما يظهر من المصنّف رحمهالله.
٢٥٠١. حاصله : أنّ المستصحب إذا كان من العقائد الثابتة بالعقل أو النقل القطعي لا يتصوّر فيه الشكّ في بقاء الحكم السابق ، بل إمّا أن يحصل العلم بالبقاء أو الارتفاع. وإن فرض حصول الشكّ فإنّما هو في ثبوت مثل الحكم السابق في موضوع آخر.
وتوضيحه : أنّ الشكّ في بقاء الحكم السابق إنّما ينشأ من تغيّر بعض ما يحتمل مدخليّته وجودا أو عدما في المستصحب ، وذلك غير متصوّر في الأحكام العقليّة ، كما تقدّم في الأمر الثالث من أنّ العقل لا يحكم بشيء إلّا بعد إحراز جميع قيود موضوع حكمه ، وأنّ الإجمال لا يتصوّر في موضوع حكم العقل. فلو فرض