الخامس : أنّ المستفاد من تعريفنا (٢٠٤٤) السابق ـ الظاهر في استناد الحكم بالبقاء إلى مجرّد الوجود السابق ـ أنّ الاستصحاب يتقوّم بأمرين : أحدهما : وجود الشيء في زمان ، سواء علم به في زمان وجوده أم لا ، نعم ، لا بدّ من إحراز ذلك حين إرادة الحكم بالبقاء بالعم أو الظنّ المعتبر ، وأمّا مجرّد الاعتقاد بوجود شيء في زمان مع زوال ذلك الاعتقاد في زمان آخر ، فلا يتحقّق معه الاستصحاب الاصطلاحي وإن توهّم بعضهم جريان عموم" لا تنقض" فيه ، كما سننبّه عليه. والثاني : الشكّ في وجوده في زمان لا حق عليه ؛ فلو شكّ في زمان سابق عليه فلا استصحاب ، وقد يطلق عليه الاستصحاب القهقرى مجازا.
______________________________________________________
الظهور نسبة هذا القول إلى نفسه بقوله : «قلنا اليقين لا ينقضه الشكّ».
٢٠٤٤. حاصله : أنّ المستفاد ممّا عرّف الاستصحاب به من قوله : «الاستصحاب إبقاء ما كان» أنّه إنّما يتقوّم بأمرين : أحدهما : اليقين بوجود شيء أو عدمه في السابق. وثانيهما : عروض الشكّ في بقاء المتيقّن السابق. ولكنّك قد عرفت سابقا عدم إفادة التعريف المذكور للأمر الثاني.
وكيف كان ، فهذان الأمران يرجعان إلى اعتبار امور في جريان الاستصحاب :
أحدها : حصول اليقين بالوجود السابق مثلا حين عروض الشكّ ، سواء كان اليقين حاصلا حين الوجود أيضا أم لا. فلا فرق في جريان الاستصحاب بين ما لو علم في الأمس بوجود شيء وشكّ اليوم في بقائه ، وبين ما لو علم اليوم بوجوده في الأمس وشكّ في زمان اليقين أيضا في بقائه إلى حينه. ومن هنا يخرج ما لو علم بوجود شيء في زمان ثمّ شكّ في وجوده في ذلك الزمان ، بأن شكّ في كون يقينه السابق جهلا مركّبا أو موافقا للواقع ، وهو المسمّى بالشكّ الساري ، لعدم جريان الاستصحاب فيه ، وإن زعم بعضهم عموم أخبار عدم جواز نقض اليقين بالشكّ له أيضا. وسيأتي الكلام فيه.
قال كاشف الغطاء بعد كلام له في الاستصحاب : «ولو لم يبق علمه باليقين