.................................................................................................
______________________________________________________
يكون موردا لحكم شرعيّ ـ إنشاء وجعل للمتيقّن السابق في زمان الشكّ ، فلا بدّ حينئذ أن يكون المتيقّن السابق قابلا للجعل في الواقع ، إذ ما لا يكون قابلا له في الواقع لا يكون قابلا له في الظاهر أيضا ، إذ كما أنّه لا معنى لجعل وجود زيد مثلا في الواقع ، كذا لا معنى لجعله في الظاهر ، بمعنى وجوب البناء على وجوده في مقام الشكّ فيه ، لعدم ترتّب أثر عليه ، فيكون عبثا لا محالة.
وحينئذ فإن كان المتيقّن السابق باعتبار نفسه قابلا لجعل الشارع ، كالخمسة التكليفيّة المعروفة ، كان المجعول في مقام الظاهر حكما ظاهريّا مساوقا للحكم السابق المتيقّن. فيكون هنا حكمان وإنشاءان : إنشاء لحكم واقعي ، وإنشاء لحكم ظاهري ، فكأنّ الشارع قال : إذا شككت في وجوب فعل فابن على وجوبه ، وما يترتّب على وجوبه الواقعي من الآثار الشرعيّة في مقام الظاهر.
وإن كان من الموضوعات الخارجة غير القابلة للجعل الشرعيّ ، فمعنى جعله يرجع إلى جعل الآثار الشرعيّة المرتّبة عليه بواسطة اليقين في زمان الشكّ ، لأنّ هذا هو القابل للجعل لا نفس الموضوع. فمعنى عدم نقض اليقين بوجود زيد بالشكّ فيه فرضه كالمتيقّن الوجود ، وتنزيله منزلته في ترتيب ما يترتّب عليه في حال اليقين به من الآثار الشرعيّة. فهنا موضوعان : موضوع متيقّن ، وموضوع مشكوك فيه ، قد أدرج الشارع المشكوك فيه في المتيقّن ، وأنزله منزلته في ترتيب آثاره عليه. فكلّ حكم شرعيّ كان مترتّبا عليه في حال اليقين يترتّب عليه في حال الشكّ أيضا ، قضيّة لعموم المنزلة.
ومن هنا يظهر فساد ما ذكره المحقّق القمّي رحمهالله من عدم الدليل على كون المستصحب النجاسة منجّسا ، لأنّ المتيقّن والمسلّم منه كون متيقّن النجاسة منجّسا لا ما ثبتت نجاسته بالاستصحاب. وأوضحه بعض ـ على ما نقله بعض مشايخنا ـ بأنّ النجاسة في حال اليقين بها موضوع ، وفي حال الشكّ فيها موضوع آخر ،