فيمن تزوّج امرأة في عدّتها : «قال : أمّا إذا كان بجهالة فليتزوّجها بعد ما تنقضي عدّتها ، فقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك. قلت : بأيّ الجهالتين أعذر ، أبجهالته أنّ ذلك محرّم عليه ، أم بجهالته أنّها في عدّة؟ قال : إحدى الجهالتين أهون من الاخرى ، الجهالة بأن الله حرّم عليه ذلك ؛ وذلك لأنّه لا يقدر معها على الاحتياط ، قلت : فهو في الاخرى معذور؟ قال : نعم ، إذا انقضت عدّتها فهو معذور في أن يتزوّجها» (٣٧). وفيه : أنّ الجهل بكونها في العدّة إن كان مع العلم بالعدّة في الجملة والشكّ في انقضائها ، فان كان الشك في أصل الانقضاء مع العلم بمقدارها فهو شبهة في الموضوع خارج عمّا نحن فيه ، مع أنّ مقتضى الاستصحاب المركوز في الأذهان عدم الجواز.
ومنه يعلم : أنّه لو كان الشكّ في مقدار العدّة فهي شبهة حكميّة قصّر في السؤال عنها ، وهو ليس معذورا فيها اتفاقا ؛ ولأصالة بقاء العدّة وأحكامها ، بل في رواية اخرى أنّه : «إذا علمت أنّ عليها العدّة لزمتها الحجّة» ، فالمراد من المعذوريّة عدم حرمتها عليه مؤبّدا ، لا من حيث المؤاخذة. ويشهد له أيضا : قوله عليهالسلام ـ بعد قوله : «نعم ، أنّه إذا انقضت عدّتها فهو معذور» ـ : «جاز له أن يتزوّجها». وكذا مع الجهل بأصل العدّة ؛ لوجوب الفحص وأصالة عدم تأثير العقد ، خصوصا مع وضوح الحكم بين المسلمين الكاشف عن تقصير الجاهل.
______________________________________________________
الجهل البسيط أيضا ، فحكمهما كما تضمّنته الصحيحة من عدم استلزام التزويج في العدّة مع الجهل ـ بسيطا أو مركّبا ـ للحرمة الأبديّة ما لم يدخل بالزوجة ، لثبوت ذلك بالأدلّة الخارجة. والأخبار وكلمات علمائنا الأخيار مطلقة في معذوريّة الجاهل بالعدّة أو حكمها أو كليهما ، بحيث تشمل الجهل المركّب والبسيط.
ثمّ اعلم أيضا أنّ الصحيحة قد تضمّنت فقرة اخرى ، وهو قوله بعد ما تقدّم : «فقلت : إن كان أحدهما متعمّدا والاخرى بجهالة؟ فقال : الذي تعمّد لا يحلّ له أن يرجع إلى صاحبه أبدا». وفيه إشكال ، لأنّه لا ريب أنّ ما أخبر به الإمام عليهالسلام في مورد الرواية من حرمة الرجوع لأحدهما أبدا بعد انقضاء العدّة وحلّية ذلك