العقاب على ترك الشكر بمجرّد احتمال الضرر في تركه (*) لأجل مصادفة الاحتمال للواقع ؛ فإنّ الشكر لمّا علمنا بوجوبه عند الشارع وترتّب العقاب على تركه ، فإذا احتمل العاقل العقاب على تركه ، فإن قلنا بحكومة العقل في مسألة «دفع الضرر المحتمل» صحّ عقاب تارك الشكر من أجل إتمام الحجّة عليه بمخالفة عقله ، وإلّا فلا ، فغرضهم : أنّ ثمرة حكومة العقل بدفع الضرر المحتمل إنّما يظهر في الضرر الثابت شرعا مع عدم العلم به من طريق الشرع ، لا أنّ الشخص يعاقب بمخالفة العقل وإن لم يكن ضرر في الواقع ، وقد تقدّم في بعض مسائل الشبهة التحريميّة شطر من الكلام في ذلك. وقد يتمسّك لإثبات الحرمة في المقام بكونه تجرّيا ، فيكون قبيحا عقلا ، فيحرم شرعا.
وقد تقدّم في فروع حجّية العلم الكلام على حرمة التجرّي (١٥١٥) حتّى مع القطع بالحرمة إذا كان مخالفا للواقع ، كما أفتى به في التذكرة فيما إذا اعتقد ضيق الوقت فأخّر وانكشف بقاء الوقت ، وإن تردّد في النهاية.
وأضعف من ذلك التمسّك بالأدلّة الشرعيّة الدالّة على الاحتياط ، لما تقدّم من أنّ الظاهر من مادّة «الاحتياط» التحرّز عن الوقوع في الحرام ، كما يوضح ذلك النبويّان
______________________________________________________
الضرر الثابت شرعا ، لعدم المانع حينئذ من ترتّبه على المخالفة بمجرّد احتماله ، لإتمام الحجّة حينئذ بحكم العقل بوجوب الدفع ، لا أنّ العقاب يترتّب على المخالفة على كلّ تقدير وإن لم يكن ثابتا في الواقع أيضا.
فإن قلت : إنّ هذا ينافي قضيّة قبح العقاب بلا بيان.
قلت : إنّ حكم العقل بهذا إنّما هو في ما أمكن فيه البيان من الشارع ، والبيان في مسألة النبوّة غير ممكن للشارع ، لأنّ تصديق قوله يتوقّف على تصديق نبوّته ، فلو صدّقنا نبوّته أيضا بقوله لزم الدور.
١٥١٥. لفظ «على» هنا للضرر. قوله : «كما أفتى به» الضمير المجرور عائد إلى عدم الحرمة المستفاد من قوله : «الكلام على حرمة ...».
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «بمجرّد احتمال الضرر فى تركه» ، بمجرّد ترك دفع الضرر فى تركه.