والحاصل : أنّ النواهي الشرعيّة بعد الاطّلاع عليها بمنزلة نهي واحد عن عدّة امور ، فكما تقدّم أنّه لا يجتمع نهي الشارع عن أمر واقعيّ واحد كالخمر مع الإذن في ارتكاب المائعين المردّد بينهما الخمر ، فكذا لا يجتمع النهي عن عدّة امور مع الإذن في ارتكاب كلا الأمرين المعلوم وجود أحد تلك الامور فيهما.
وأمّا الموافقة القطعيّة فالأقوى ايضا وجوبها ؛ لعدم جريان أدلّة الحلّية ولا أدلّة البراءة (١٥٠٧) عقليّها ونقليّها. أمّا النقليّة فلما تقدّم من استوائها بالنسبة إلى كلّ
______________________________________________________
من اعتباره هنا ، إذ لا جامع بين موضوع الخطابين المحتملين هنا حتّى ينتزع منهما خطاب تفصيلي ، ويقال بتساوي المشتبهين في الاندراج تحت موضوعه الكلّي ، إلّا اتّصاف موضوع كلّ منهما على تقدير تحقّقه في الواقع بكونه حراما ، فينتزع منهما هنا أيضا بملاحظة اشتراك عنوان المشتبهين في كونه مائعا خطاب تفصيلي ، وهو وجوب الاجتناب عن مائع حرام.
وإمّا أن يختلفا في ما ذكرنا وفي عنوان أنفسهما ، كما إذا تردّد الأمر بين كون هذه المرأة أجنبيّة أو كون هذا المائع خمرا ، إذ لا جامع هنا إلّا باعتبار وجوب الاجتناب عن الحرام ، ولذا كان وجوب الاحتياط في سابقيه أولى من هذا القسم. وبالجملة إنّك حيث قد عرفت كون المدار في الإطاعة والمخالفة على الخطابات التفصيليّة ، وكان الخطاب التفصيلي في ما عدا القسم الأوّل اعتباريّا ، وكان اعتبار جامع بين المشتبهين يكون موضوعا للخطاب المنتزع مختلفا في القرب والبعد ، لاشتمال كلّ سابق على جامع لاحقه ، مع اختصاصه لما لم يشتمل عليه لاحقه ، أو لاشتماله على ما هو أقوى من جامع لاحقه ، كما يظهر بالتأمّل في ما قدّمناه ، كان وجوب الاحتياط في كلّ سابق أولى من لاحقه ، وفي كلّ لاحق أشكل من سابقه. وممّا ذكرناه يتّضح الوجه في ما ذكره المصنّف رحمهالله من الفرق بين الأقسام المذكورة غاية الوضوح. وكيف كان ، فما قوّاه المصنّف رحمهالله هو الأقوى.
١٥٠٧. المراد بالاولى أدلّة أصالة الإباحة المختصّة بالشبهة في التحريم ، و