.................................................................................................
______________________________________________________
وأنت خبير بأنّه يخرج عن الأصل والعمومات بأدلّة القول الأوّل ، وهي وجوه :
الأوّل : الإجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة العظيمة ، بل الاتّفاق المحقّق ، فإنّ الظاهر من صاحب المدارك في باب الصلاة الرجوع عمّا ذكره في أوّل الطهارة. وهو المحكيّ أيضا عن ظاهر العلّامة أعلى الله مقامه.
الثاني : ما ذكره جماعة تبعا للوحيد البهبهاني من حسن الاحتياط الثابت بالسنّة والإجماع والعقل. والاعتراض عليه بمنع صدق الاحتياط في المقام ، بناء على اختصاصه بالتجنّب عن محتمل الضرر ، مدفوع أوّلا بظهور صدق الاحتياط ، بناء على ما فسّروه بأنّه الأخذ بالأوثق. وثانيا : بأنّ الإقدام على محتمل المنفعة ومأمون المضرّة عنوان لا ريب في حسنه. ولا فرق عند العقل بينه وبين الاحتراز عن محتمل الضرر ، فلا يتوقّف حسنه على صدق الاحتياط عليه.
وأضعف من هذا الاعتراض باستلزامه للتشريع المحرّم ، وأنّ ترك السنّة أولى من فعل البدعة. توضيح الضعف ـ مع وضوحه ـ أنّ التشريع هو أن تنسب إلى الشرع شيئا علم أنّه ليس منه أو لم يعلم كونه منه ، لا أن تفعل شيئا لاحتمال أن يكون فعله مطلوبا في الشرع ، أو تتركه لاحتمال أن يكون تركه كذلك ، فإنّه أمر مطلوب يشهد به العقل والنقل. مع أنّ التشريع حرام بالأدلّة الأربعة ، وقد يوجب الكفر.
نعم ، يرد على هذا الوجه أنّ الإقدام على الفعل المذكور إنّما يحسّنه العقل إذا كان الداعي عليه احتمال المحبوبيّة ، وقصد المكلّف إحراز مطلوبات المولى إخلاصا أو رجاء الثواب طمعا ، ولا كلام لأحد في ذلك ، فإنّه ممّا يستقلّ به العقل ضرورة ، إنّما الكلام في استحباب نفس الفعل المذكور على حدّ سائر المستحبّات ، حتّى يكون الداعي للمكلّف على فعله هو هذا الاستحباب القطعي الذي ثبت من أدلّة التسامح. فالقائل بالتسامح يقول : إذا ورد رواية ضعيفة في استحباب وضوء