العلماء : المحقّق في المعارج في باب الاستصحاب ، وعنه في المسائل المصريّة أيضا في توجيه نسبة السيّد إلى مذهبنا جواز إزالة النجاسة بالمضاف مع عدم ورود نصّ فيه : أنّ من أصلنا العمل بالأصل حتّى يثبت الناقل ، ولم يثبت المنع عن إزالة النجاسة بالمائعات. فلو لا كون الأصل إجماعيّا لم يحسن من المحقّق قدسسره جعله وجها لنسبة مقتضاه إلى مذهبنا.
وأمّا الشهرة فإنّها تتحقّق بعد التتبّع في كلمات الأصحاب خصوصا في الكتب الفقهيّة ؛ ويكفي في تحقّقها ذهاب من ذكرنا من القدماء والمتأخّرين.
الثالث : الإجماع العملي الكاشف عن رضا المعصوم عليهالسلام ، فإنّ سيرة المسلمين من أوّل الشريعة بل في كلّ شريعة على عدم الالتزام والإلزام بترك ما يحتمل ورود النهي عنه من الشارع بعد الفحص وعدم الوجدان ، وأنّ طريقة الشارع كانت تبليغ المحرّمات دون المباحات ؛ وليس ذلك إلّا لعدم احتياج الرخصة في الفعل إلى البيان وكفاية عدم (*) النهي فيها. قال المحقّق قدسسره على ما حكى عنه : إنّ أهل الشرائع كافة لا يخطّئون من بادر إلى تناول شىء من المشتبهات سواء علم الإذن فيها من الشرع أم لم يعلم ، ولا يوجبون عليه عند تناول شىء من المأكول والمشروب أن يعلم التنصيص على إباحته ، ويعذرونه في كثير من المحرّمات إذا تناولها من غير علم ، ولو كانت محظورة لأسرعوا إلى تخطئته حتّى يعلم الإذن (٤٥) ، انتهى.
أقول : إن كان الغرض ممّا ذكر ـ من عدم التخطئة ـ بيان قبح مؤاخذة الجاهل بالتحريم ، فهو حسن مع عدم بلوغ وجوب الاحتياط عليه من الشارع ، لكنّه راجع إلى الدليل العقلي الآتي ، ولا ينبغي الاستشهاد له بخصوص أهل الشرائع بل بناء كافّة العقلاء وإن لم يكونوا من أهل الشرائع على قبح ذلك. وإن كان الغرض منه أنّ بناء العقلاء على تجويز الارتكاب مع قطع النظر عن ملاحظة قبح مؤاخذة الجاهل ـ حتّى لو فرض عدم قبحه لفرض العقاب من اللوازم القهريّة لفعل الحرام مثلا ، أو فرض المولى في التكاليف العرفيّة ممّن يؤاخذ على الحرام ولو صدر جهلا ـ
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : وجدان.