في النار ، بضميمة حكم العقل بقبح عقاب الجاهل القاصر ، فيكشف ذلك عن تقصير كلّ غير مؤمن ، وأنّ من نراه قاصرا عاجزا عن العلم قد يمكن عليه تحصيل العلم بالحقّ ولو في زمان ما وإن كان عاجزا قبل ذلك أو بعده ، والعقل لا يقبّح عقاب مثل هذا الشخص ؛ ولهذا ادّعى غير واحد في مسألة التخطئة والتصويب الإجماع على أنّ المخطئ في العقائد غير معذور ، لكنّ الذي يقتضيه الإنصاف : شهادة الوجدان (١٠٢٦) بقصور بعض المكلّفين ؛ وقد تقدّم عن الكليني ما يشير إلى ذلك ، وسيجيء عن الشيخ قدسسره في العدّة : من كون العاجز عن التحصيل بمنزلة البهائم.
هذا ، مع ورود الأخبار (١٠٢٧) المستفيضة بثبوت الواسطة بين المؤمن والكافر ، وقضيّة مناظرة زرارة وغيره مع الإمام عليهالسلام في ذلك مذكورة في الكافي. ومورد الإجماع على أنّ المخطئ آثم هو المجتهد الباذل جهده بزعمه ، فلا ينافي كون الغافل والملتفت العاجز عن بذل الجهد معذورا غير آثم.
وأمّا الثاني ، فالظاهر فيه عدم وجوب تحصيل الظنّ ، لأنّ المفروض عجزه (١٠٢٨) عن الإيمان والتصديق المأمور به ، ولا دليل آخر على عدم جواز التوقّف ، وليس المقام من قبيل الفروع في وجوب العمل بالظنّ مع تعذّر العلم ؛ لأنّ المقصود فيها العمل ، ولا معنى للتوقّف فيه ، فلا بدّ عند انسداد باب العلم من العمل على طبق أصل أو ظنّ. والمقصود فيما نحن فيه الاعتقاد ، فإذا عجز عنه فلا دليل على وجوب تحصيل الظنّ الذي لا يغني عن الحقّ شيئا ، فيندرج في عموم قولهم عليهمالسلام :
______________________________________________________
١٠٢٦. لا يخفى أنّ شهادة الوجدان إنّما تتمّ مع الاطّلاع على حال الغير ، والعلم بعدم تمكّنه من تحصيل المعرفة في تمام عمره ولو بالسؤال والتعلّم ، وهو بعيد.
١٠٢٧. قد تقدّم فيما علّقناه على المقام الأوّل شطر من الأخبار الدالّة على ثبوت الواسطة ، ومناظرة زرارة مع أبي جعفر عليهالسلام.
١٠٢٨. يمكن تقريب الاستدلال بوجهين :