يتعيّن العمل بها لو لا المعارض ، كما يشهد به السؤال بلفظة «أيّ» الدالّة على السؤال عن المعيّن مع العلم بالمبهم ، فهو كما إذا سئل عن تعارض الشهود أو أئمّة الصلاة فأجاب ببيان المرجّح ، فإنّه لا يدلّ إلّا على أنّ المفروض تعارض من كان منهم مفروض القبول لو لا المعارض. نعم ، رواية ابن المغيرة تدلّ على اعتبار خبر كلّ ثقة ، وبعد ملاحظة ذكر الأوثقيّة والأعدليّة في المقبولة والمرفوعة يصير الحاصل من المجموع اعتبار خبر الثقة ، بل العادل. لكنّ الإنصاف : أنّ ظاهر مساق الرواية أنّ الغرض من العدالة حصول الوثاقة ، فيكون العبرة بها.
ومنها : ما دلّ على إرجاع آحاد الرواة إلى آحاد أصحابهم عليهمالسلام بحيث يظهر منه عدم الفرق بين الفتوى والرواية ، مثل إرجاعه عليهالسلام إلى زرارة بقوله عليهالسلام : «إذا أردت (٥١٢)
______________________________________________________
دلالتهما على اعتبارها في الجملة غير مجدية كما لا يخفى ، نظير تقديم الأفقه أو الأقرأ مثلا من أئمّة الجماعة عند تزاحمهم ، لأنّ غاية ذلك كشفه عن صلوحهم للإمامة في الجملة ، ولا يعلم به أنّ جهة صلوحهم للإمامة هي الفقاهة أو القراءة ، فكما لا بدّ حينئذ من الأخذ بكلّ ما يحتمل كونه شرطا في صحّة الإمامة ، كذلك فيما نحن فيه لا بدّ من الأخذ بكلّ ما يحتمل كونه شرطا في حجّية الخبر.
نعم ، ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن حارث بن المغيرة ، بل وما رواه ابن أبي الجهم عن الرضا عليهالسلام أيضا دالّان على اعتبار الخبر الموثّق. أمّا الأوّل فواضح. وأمّا الثاني فلأنّ أخذ الثقة في السؤال مع تقرير الإمام عليهالسلام له ظاهر في كون المناط في القبول هي وثاقة الراوي. ومن هنا يظهر أنّ الأولى للمصنّف رحمهالله استدراك دلالة رواية ابن أبي الجهم أيضا في قوله : «نعم ، رواية ابن المغيرة ...».
وكيف كان ، فبعد ملاحظة ذكر الأوثقيّة والأعدليّة في المقبولة والمرفوعة يصير حاصل مجموع الأخبار الأربعة اعتبار خبر الثقة بل العدل المفيد للوثوق ، لكنّ الظاهر أنّ اعتبار العدالة إنّما هي لأجل كونها من أسباب إفادة الوثوق غالبا ، فتكون العبرة به حينئذ.
٥١٢. رواه محمّد بن سنان ، عن المفضّل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا