وفيه : أنّ المتيقّن من هذا الاتّفاق (٢٧١) هو الرجوع إليهم مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد والعدالة ونحو
______________________________________________________
وتدوينها وحفظها ، حتّى صنّفوا فيها الكتب المشهورة والمؤلّفات المعروفة ، وما فعلوا ذلك إلّا لتكون الكتب المؤلّفة مرجعا لمن بعدهم من العلماء ، ومنهلا لمن يأتي من الفضلاء والأدباء ، ليأخذوا منها ويصدروا عنها». إلى أن قال : «مع أنّ تدوين اللغة بعد تحصيل المائة الثانية من الهجرة في زمان الصادق والكاظم والرضا عليهمالسلام ، وقد شاع غاية الشيوع في المائة الثالثة ، ولم ينقل عن الأئمّة ولا غيرهم من التابعين إنكار ذلك أصلا ، بل ورد عنهم ما يقتضي الحثّ على تعلّم اللغة والمعرفة بوجوه اللفظ ، كما يظهر لمن تتّبع الأخبار» انتهى.
وأقول : أمّا ما ادعاه من الإجماع فيظهر منعه ممّا أجاب به المصنّف رحمهالله ، وسنشير إلى زيادة توضيح لذلك. وأمّا ما ادّعاه من تقرير الأئمّة عليهمالسلام ، فيرد عليه منع وجود خبر يدلّ على تقريرهم عليهمالسلام للعمل بقول أهل اللغة. ومجرّد عدم نقل إنكارهم لا يدلّ على رضاهم بذلك ، بل القطع بعدمه أيضا لا يدلّ عليه ، لاحتمال التقيّة والخوف. وأمّا الحثّ على تعلّمها فهو أيضا لا يدلّ على جواز الاكتفاء فيها بالظنّ ، إذ لعلّه لأجل تحصيل العلم.
٢٧١. توضيحه : أنّ محلّ الكلام في المقام هو جواز العمل بقول اللغوي غير المفيد للعلم في الأحكام الإلزاميّة غير الموافقة للقواعد الشرعيّة. والعامل بأقوال أهل اللّغة إمّا هم الأدباء المتحلّين بالعلوم الأدبيّة ، فاهتمامهم بضبط اللغات وعنايتهم في حفظها وتدوينها واستمرار عادتهم على الرجوع إلى كتب اللغة وإن كان ثابتا ، إلّا أنّ ذلك لمسيس حاجتهم إلى ذلك في نظم الأشعار وجمع الخطب والرسائل وحلّ الألغاز ومشكلات الألفاظ في محافل الرؤساء والسلاطين ، لأنّهم كانوا يدخلون عليهم ويتردّدون إليهم بالمدح والتوصيف بالأشعار والخطب ، ويصلون بذلك إلى الصلات الكثيرة والعطايا الجزيلة ، ويطلبون به الجاه عندهم والتقرب