.................................................................................................
______________________________________________________
الطرق الظاهريّة من باب إمضاء الشارع لما هو المقرّر عند العقلاء ، فالأمر أوضح. وثمرة جعل الطرق ـ مع فرض كون المدار على مطابقة الواقع ومخالفته ـ تظهر في كون العمل بها عذرا للمكلّف عند مخالفة عمله للواقع ، لا في اتّصاف الأفعال بأحد الأحكام الخمسة مع مطابقتها بمؤدّياتها لها ومخالفتها لها.
وبالجملة ، إنّ هنا أقساما قد ظهرت أحكامها بما ذكرناه ، أحدها : مطابقة العمل بالواقع والطريق. وثانيها : مخالفته لهما. وثالثها : مخالفته لأحدهما خاصّة.
ثمّ الظاهر من العمل بالظنّ هو ما كان على وجه الاستناد والتعبّد والتديّن ، لا على أحد الوجهين الآخرين من وجوه العمل به ، كما هو ظاهر المصنّف رحمهالله أيضا. وقد عرفت حرمة العمل به بهذا الوجه مطلقا ، سواء طابق الواقع أم خالفه ، وحينئذ يصحّ إطلاق القول بحرمة العمل بالظنّ من دون تقييد. وبما ذكرناه يظهر أنّه لو كان العمل بالظنّ على وجه الاستناد والتعبّد مصادفا لمخالفة الواقع تجتمع فيه جهتان للحرمة ، كما في سائر الموارد التي اجتمع فيها عنوانان من عناوين الحرام ، كأكل النجس المغصوب والإفطار بالمحرّم في شهر رمضان. وأشار المصنّف رحمهالله أيضا في بعض كلماته.
ثمّ إنّه قد ظهر ممّا قدّمناه كون حرمة العمل بالظنّ تشريعيّة لا ذاتيّة. وربّما يظهر من المحكيّ عن الوحيد البهبهاني وصاحب الرياض كون حرمته من حيث كونه عملا بالظنّ ، استنادا إلى الآيات والأخبار الناهية عن العمل به. وسيأتي في كلام المصنّف رحمهالله ما يفسده.
تنبيه : إنّك بعد ما عرفت من كون حرمة العمل بالظنّ بأحد الوجهين من الحرمة التشريعيّة ومخالفة الواقع ، فاعلم أنّ اللازم على المكلّف في مقام العمل عند الشكّ في حجّية الظنّ وعدمها ـ لأجل الشكّ في تحقّق الانسداد الأغلبي وعدمه ـ هو الأخذ بطريق الاحتياط ، لعدم المناص عنه بعد ثبوت التكاليف الواقعيّة ، إمّا لعموم الخطابات الشفاهيّة ، وإمّا للإجماع على المشاركة في التكليف مع المشافهين.