يعبده ذلك الشخص ، وكان قابلا لذلك وأهلا له ، وإلا فهو متّخذ إلها ، لا أنّه معبود. ولمّا لم يكن المخلوق أهلا لذلك في ظرف الواقع كان إطلاق الاله والمعبود ولو مقيّدا على المخلوق المتّخذ معبودا خطاء في الاطلاق لاشتباه في المصداق ، كما سبق عن الجوهري ، أو مبنيّا على اعتقاد المخطي ، فيكون إطلاق إله «هذيل» ومعبودهم على الصنم مبنيّا على اعتقادهم ، فيكون المعنى أنّه معبود بزعمهم وعلى حسبانهم. وحينئذ فلا مصداق له حقيقة في نفس الامر سوى الواحد الحقّ وإطلاقه على غيره مبنيّ على الزعم الفاسد.
وأمّا الثاني ، فهو إمّا مأخوذ بمعنى الشأنيّة والاستحقاق مع قطع النظر عن تحقّق العابد في الخارج ، أو بمعنى الفعليّة لكلّ من سواه استغراقا ، بأن يكون معبودا مطلقا يعبده جميع من سواه ، أو على وجه الاهمال ليصدق على الكلّ أو البعض ، فيكون مفاده التوصيف بالمعبوديّة على وجه الاجمال.
وعلى الاوّلين فاختصاصه بالحقّ ظاهر ؛ إذ هو الّذي (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)(١) و (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً.)(٢).
وعلى الثالث ، فربّما يستفاد منه العموم باعتبار إفادة حذف المتعلّق العموم ، وإذا حلّي بالالف واللام قوي ذلك لاقتضائه الاشارة الّتي هي مدلولها التعييني ، ولا يتعيّن المعبود بمعنى الفعليّة من حيث كونه معبودا إلا باضافته إلى العابد ، ولا تعيّن لشيء من أفراد العابدين في اللّفظ لتساوي نسبتها إلى اللّفظ ، وامتناع الترجّح من غير مرجّح فيتعيّن إرادة الجميع. والتوصيف بالمعبوديّة المطلقة نظير ما قرروه في إفادة الجمع المحلّى باللام العموم في الاصول.
وممّا ذكر ظهر أنّه لا حاجة إلى تقييد «الاله» في كلمة «لا إله إلا الله» ،
__________________
(١) مأخوذ من آية ٤٤ سورة الاسراء ، وأصلها هو : «إِنْ مِنْ شَيْءٍ ...»
(٢) مريم / ٩٣.