مقدّمة المؤلّف
بسم الله الرّحمن الرّحيم ، الحمد لله ذي النعم المتتابعة والآلاء المتواترة والآيات اللامعة والحجج البالغة ، حمدا نتوسل به إلى سعة غفرانه ونقترب به إلى عظيم رضوانه ، ونسأله أن يصلى على من اصطفاه لتبليغ أمره وأداء رسالته واجتباه لإكمال دينه وإتمام نعمته ، محمد الذي ختم به النبيين وأرسله رحمة للعالمين ، وعلى آله الهداة المهديين ، لا سيما على يعسوب المؤمنين علي إمام المتقين ما طلع نجم في السماء وتعاقب الصباح والمساء وبعد ،
لقد منّ الله تعالى على هذه الأمّة إذ أرسل إليهم رسولا ذا خلق عظيم وأنزل عليه (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (الزمر : ٢٨) كتابا مبينا (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة : ١٦) (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) (الزمر : ٢٣) ولو أنزله سبحانه تعالى (عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) (الحشر : ٢١). وقد نزّله ـ جلّ ذكره ـ على نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ليتدبّر الناس آياته وليتّعظ أرباب العقول بمواعظه ، فقال عزّ من قائل : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ