آخرون : بينهما فرق لأن الخشوع عمل الجوارح والخضوع عمل القلب (١). وهذا القول بعيد عن الصواب لقوله تعالى : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) (الحديد : ١٦). فنسب الله سبحانه في هذه الآية الخشوع للقلوب كما نسبه في آية أخرى إلى بعض الجوارح فقال سبحانه : (أَبْصارُها خاشِعَةٌ) (النازعات : ٩).
وروى الإمام زيد بن علي بن الحسين عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام أنه قال : «أبصر رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال : أما هذا فلو خشع قلبه لخشعت جوارحه» (٢).
ففي الحديث ما يدلّ على أنّ الخشوع في الصلاة يكون في القلب وفي الجوارح ، ولكنّ أصل هذا الخشوع ينشأ في القلب ومن القلب يسرى إلى الجوارح. فحقيقة الخشوع في القلب : الفزع إلى كبرياء الله تعالى والإعراض عمّا سواه ، وفي الجوارح : ترك الالتفات والعبث كما روي عن عليّ عليهالسلام أنه قال : «لا تجاوز بطرفك في الصلاة موضع سجودك» (٣).
__________________
(١) راجع : فروق اللغات ، للجزائري ، ص ٩٤.
(٢) مسند الإمام زيد ، ص ١١٩ ورواه أيضا الطبرسي في مجمع البيان (ج ١٨ ، ص ١٣٥) والسيوطي (من أهل السنة) في الجامع الصغير (ج ٢ ، ص ١٦٥).
(٣) راجع : وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، ج ٤ ، ص ٧٠٩.