______________________________________________________
فإنه الملحوظ وانه المجعول طرفاً لإضافة لإناطة بالشرط. وحينئذ لا مجال للإشكال المذكور. ودعوى : أنه إذا كان التعليق للمنشإ في الإنشاء ، يكون أيضا التعليق للمخبر به في الاخبار ، فيكون الخبر مطلقاً والمخبر به معلقاً. ولازم ذلك الكذب في مثل قوله تعالى ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا ) (١) ، لتحقق الخبر بلا مخبر به. مندفعة : بأن المخبر به الفساد على تقدير تعدد الآلهة ، لا الفساد مطلقاً ، فانتفاء الفساد في الجملة لا يستلزم الكذب ، وانما الذي يستلزمه انتفاء الفساد على تقدير تعدد الالهة ، لكنه غير منتف. ولا مجال لقياس المقام على بقية قيود المخبر به ، كما إذا قال : « يجيء زيد يوم الجمعة » ، فإنه يكون كذباً إذا لم يجيء زيد في يوم الجمعة ، أو جاء لكن في غير الجمعة ، فإن القيود المأخوذة في المخبر به يقتضي الخبر حصولها ، وفي قيد الشرط لا يكون الأمر كذلك ، فان صدق الخبر لا يقتضي حصوله ، بل يقتضي حصول الجزاء على تقدير حصوله. فصدق الشرطية في الآية الشريفة يقتضي تحقق الفساد على تقدير تحقق الشرط ، لا تحقق الفساد والشرط معاً ، كما في سائر القيود. ومن ذلك تعرف أن التحقيق أن التعليق في القضايا الشرطية التي يكون جزاؤها خبراً تارة ، وإنشاء أخرى ، إنما هو للمخبر به ، وللمنشإ ، لا لنفس الاخبار به أو إنشائه.
فإن قلت : إذا كان التعليق للمنشإ لا للإنشاء يلزم التفكيك بين المنشأ والإنشاء إذا كان المعلق عليه استقبالياً ، لحصول الإنشاء بالفعل ، وعدم حصول المنشأ ، وإلا كان خلفاً. والتفكيك بين الإنشاء والمنشأ كالتفكيك بين الإيجاد والوجود ممتنع ، لأن الإنشاء عين المنشأ ، كما أن الوجود عين الإيجاد ، والاختلاف إنما هو بالإضافة لا غير ، ويمتنع التفكيك بين
__________________
(١) الأنبياء : ٢٢.