بقيت النفس فارغة عن شغل
الحواسّ ؛ لأنّها لا تزال مشغولة بالتفكّر فيما يورده الحواس عليها ؛ فإذا وجدت فرصة
الفراغ وارتفعت عنها الموانع ، استعدّت للاتّصال بالجواهر الروحانية الشريفة العقليّة
ـ التي فيها نقوش جميع الموجودات كلّها المعبّرة عنها في الشرع ب «اللوح المحفوظ»
ـ و [الجواهر]
النفسيّة
والقوى الانطباعيّة من البرازخ العلويّة التي فيها صور الشخصيّات الماديّة والجزئيّات
الجسمانيّة.
فإذا اتّصلت بتلك الجواهر ، قبلت ما فيها
من النقوش ، لا سيّما ما ناسب أغراض النفس ويكون مهمّا لها ؛ فحينئذ إذ ارتفع الحجاب
بالنوم ـ الذي هو أخ الموت ـ قليلا ، يظهر في مرآة النفس شيء من النقوش والصور
التي في تلك المرائي ممّا يناسبها ويحاذيها. فإن كانت تلك الصور جزئيّة وبقيت في النفس
، تحفظ
الحافظة إيّاها على وجهها ولم يتصرّف فيه القوّة المتخيّلة ، فيصدق هذه
الرؤيا ؛ وإن كانت المتخيّلة غالبة أو إدراك النفس للصورة
ضعيفا ، صارت المتخيّلة بطبعها إلى تبديل ما رأته النفس بمثال ، كتبديل العلم باللبن
وتبديل العدو بالحيّة وتبديل الملك بالبحر والجبل.
تذكرة
|
في
أضغاث «الأحلام» ، وهي المنامات التي لا أصل لها اعلم أنّ النفس بقوّتها الخياليّة
التي هي لها
في عالمها بمنزلة القوة
المحرّكة في هذا العالم ؛ فكما يصدر منها في عالم المحسوسات بقوّتها
|
__________________