شممت رائحة ابنتي
فاطمة.
وبالجملة : الدنيا
هي النشأة الناريّة الداثرة الكائنة الفاسدة ؛ من ركن إليها ، استحقّ النار.
والآخرة هي النشأة النوريّة العالية الباقية ؛ وهي صورة الجنّة ومنازلها ، إلّا أنّها محجوبة عن هذه الحواس. فمن عرف نفسه وعرف ربّه ، تجرّد
ذاته عن غشاوة الدنيا وصار من أهل الآخرة ونعيمها :(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ
عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
قاعدة في
تحقيق الخلافة
|
اعلم أنّه لمّا اقتضى الحكم الإلهيّة الجامعة لجميع الكمالات المشتملة على الأسماء
الحسنى والصفات العليا بسط مملكة الإيجاد والرحمة ونشر لواء القدرة والحكمة بإظهار
الممكنات وإيجاد المكوّنات وخلق الخلائق وتسخير الأمور وتدبيرها ، وكان مباشرة هذا
الأمر من الذات القديمة الأحديّة بغير واسطة بعيدة جدّا ، لبعد المناسبة بين عزّة
القدم وذلّة الحدوث ؛ فقضى ـ سبحانه ـ بتخليف نائب ينوب
عنه في التصرّف والولاية والحفظ والرعاية.
|
فلا محالة له وجه
إلى «القدم» ويستمدّ من الحقّ ـ سبحانه ـ ، ووجه إلى «الحدوث» يمدّ به الخلق فجعل على
صورته خليفته ، تخلف عنه في التصرّف وخلع عليه خلع جميع أسمائه وصفاته ومكّنه
في مسند «الخلافة» بإلقاء مقادير الأمور إليه وإحالة حكم «الجمهور» عليه.
فالمقصود من وجود
العالم أن يوجد الإنسان الذي هو خليفة اللّه في
__________________