فإن قيل لك : ما وزن (عُذْتُ) من الفعل؟
ففى ذلك ثلاثة أجوبة :
قال البصريون : وزنه فعلت ، والأصل عوذت ، فصارت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فوجب سقوطها لسكونها وسكون الذّال ، ولا دلالة عليها ، فنقلوا فعلت إلى فعلت عوذت إلى عوذت لتكون الضّمة دالة على المعنى ، وعلى الواو إذ أسقطت ، فالضمة على عذت هى ضمّة الواو السّاقطة.
وقال الكسائىّ : وزن عوذت فعلت غير منقولة.
قال الفرّاء : وزن عذوت : فعلت ، كما قال البصريّون ، غير أنه جعل الواو لام الفعل قال : والأصل عوذت ، وكذلك اختلافهم فى جميع ما شاكل هذا نحو : قلت ، وزلت ، وحلت. وعند الفرّاء قلوت وحلوت ، وزلوت ، وذلك خطأ عند البصريّين.
٨ ـ وقوله تعالى : (عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) [٣٥].
قرأ أبو عمرو وابن ذكوان عن ابن عامر : قلبٍ متكبّرٍ منونا جعله نعتا للقلب ؛ لأنّ القلب إذا تكبّر تكبّر صاحبه ، كما قال (١) : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) لأنّ الأعناق لمّا خضعت أخضعت أربابها. وتكبّر القلب : قسوته ، وإذا قسا القلب كان معه ترك الطّاعة. وكذلك تقول : مررت بيوم عاصف أى : عاصف ريحه وعاصف الرّيح.
وقرأ الباقون : (عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ) بالإضافة أى : على كلّ قلب رجل متكبّر ، واحتجّوا بما حدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفرّاء قال (٢) :
__________________
(١) سورة الشعراء : آية : ٤.
(٢) معانى القرآن : ٣ / ٨ ، ٩. وينظر : السبعة : ٧٥٠ ، وتفسير الطّبرى : ٢٤ / ٤٢ ، وتفسير القرطبى : ١٥ / ٣١٤ ،