يكون تابعا له ،
وفي هذا الموضع ما لم يعلم ظلما ، لا يعلم أنّه ليس لفاعله فعله. وبهذه الطريقة
عبنا على أبي علي تحديده الواجب بما به ترك قبيح ، فقلنا : إنّا ما لم نعلم وجوبه
لا يمكننا أن نعلم قبح تركه ، فكيف حدّدت الواجب به ، وفيما ذكرت ترتّب العلم
بالحدّ على العلم بالمحدود ، وذلك مما لا يصحّ (ق ، ش ، ٣٤٧ ، ١١)
ـ وبعد ، فإنّ
حقيقة الظلم : كل ضرر لا نفع فيه ولا دفع ضرر ، ولا استحقاق ، ولا الظنّ لأحد
الوجهين المتقدّمين ، ولا يكون في الحكم كأنّه من جهة المضرور ، ولا يكون كأنّه من
جهة غير فاعل الضرر ، وهذا إنّما يحلّ المظلوم دون غيره ، فيجب أن يكون هو الظالم (ق
، ش ، ٣٥١ ، ١)
ـ إنّ الظلم يرجع
به إلى ضرر مخصوص (ق ، ت ٢ ، ٤١٢ ، ١٥)
ـ الذي يذهب إليه
الشيخ أبو عبد الله أنّ ما كان من فعله ضررا لا نفع فيه ، ولا دفع ضرر ، ولا
استحقاق ، فإنّه يقبح ، لأنّه ظلم ؛ لأنّ الظلم إنّما قبح لاختصاصه بهذه الصفة ؛
لا لأنّه قصد به وجها مخصوصا (ق ، غ ٦ / ١ ، ١٢ ، ١)
ـ إنّا قد بيّنا
أنّ الظلم إنّما يقبح من حيث كان ظلما ، وليس لكونه ظلما اختصاص بكونه كسبا ؛ بل
بأن يختصّ بكونه خلقا أولى (ق ، غ ٨ ، ١٩٧ ، ٣)
ـ إنّ المجبرة
اعتقدت في الظلم أنّه قبيح ، وكذلك علمت حسن العدل ، وإنّما جهلت علّة قبحه وطريق
معرفة قبحه فأدّاها ذلك إلى القول بأنّ بمجرّد العقل لا يعلم ذلك ، وبأنّ كونه
ظلما لا يوجب قبحه. وإنما يقبح بنهي أو غيره (ق ، غ ١٣ ، ٢٨٢ ، ١٠)
ـ حقيقة الظلم هو
كل ضرر لا نفع فيه يوفي عليه ، ولا دفع مضرّة زائدة عليه ، ولا مستحقّ ، ولا يظنّ
فيه بعض هذه الوجوه. فمتى كان هذا حاله فهو الظلم بعينه ؛ ولا فرق بين أن يكون
ألما أو غمّا أو مؤدّيا إليهما إذا كان حاله ما وصفنا ؛ لأنّ كونه ضررا يجمع كل
ذلك وإن كان كونه ألما لا يجمع جميعه. ولا يجوز أن يحدّ الظلم بأنّه الضرر القبيح
، لأنّه قد يقبح من حيث كان عبثا على ما نبيّنه ، ويكون مع ذلك غير ظلم (ق ، غ ١٣
، ٢٩٨ ، ٨)
ـ إنّ الظلم يقبح
لأنّه ظلم لا لغير ذلك من أوصافه. يبيّن ذلك أنّ عند العلم بأنّه ظلم يعلم قبيحا
لا محالة ؛ ومتى فقد هذا العلم لم يعلم قبيحا إلّا بأن يحصل فيه وجه آخر من وجوه
القبح يعلم عليه. فإذا صحّ ذلك وجب أن يكون كونه ظلما هو وجه قبحه من حيث وقف
العلم بقبحه على العلم به (ق ، غ ١٣ ، ٣٠٨ ، ٢)
ـ إنّه ليس في
العالم ظلم لعينه ولا بذاته البتّة ، وإنّما الظلم بالإضافة ، فيكون قتل زيد إذا
نهى الله عنه ظلما ، وقتله إذا أمر الله بقتله عدلا ، وأمّا الكذب فهو كذب لعينه
وبذاته ، فكل من أخبر بخبر بخلاف ما هو فهو كاذب ، إلّا أنّه لا يكون ذلك إثما ولا
مذموما إلّا حيث أوجب الله تعالى فيه الإثم والذمّ فقط ، وكذلك القول في الجهل
والعجز إنّهما جهل لعينه وعجز لعينه ، فكل من لم يعلم شيئا فهو جاهل به ولا بدّ ،
وكل من لم يقدر على شيء فهو عاجز عنه ولا بدّ ، والوجه الثاني أنّ بالضرورة التي بها
علمنا من نواة التمر لا يخرج منها زيتونة ، وأنّ الفرس لا ينتج جملا ، بها عرفنا
أنّ الله تعالى لا يكذب ولا يعجز ولا يجهل ، لأنّ كل هذه من صفات المخلوقين عنه
تعالى منفيّة إلّا ما جاء نص بأن