جعلته المعتزلة من توابع الحدوث ، لا أنّ التكليف متعلّق بأصل الفعل ؛ إذ هو فعل الله ـ تعالى ـ وذلك لا يجوز التكليف به ؛ إذ هو من فعل الغير ، والتكليف بفعل الغير تكليف بما لا يطاق. فإذا ما يقع به التكليف إنّما هو ما ينسب إلى فعل العبد واكتسابه ، وليس ذلك مرادا لله ـ تعالى ـ ولا داخلا تحت قدرته (م ، غ ، ٦٩ ، ٦)
إمكان
ـ الإمكان مستمرّ أبدا ، والقدرة واسعة لجميع ذلك ؛ وبرهان هذه الدعوى وهو عموم تعلّق القدرة ، أنّه قد ظهر أنّ صانع العالم واحد. فإمّا أن يكون له بإزاء كل مقدور قدرة ، والمقدورات لا نهاية لها ، فيثبت قدر متعدّدة ، لا نهاية لها وهو محال ، لما سبق في إبطال دورات لا نهاية لها. وإمّا أن تكون القدرة واحدة ، فيكون تعلّقها مع اتحادها بما يتعلّق به من الجواهر ، والأعراض مع اختلافها ، لأمر تشترك فيه ، ولا يشترك في أمر سوى الإمكان ؛ فيلزم منه أن كلّ ممكن ، فهو مقدور لا محالة ، وواقع بالقدرة (غ ، ق ، ٨٢ ، ٤)
ـ العقل الصريح يقضي بالإمكان في كل واحد من أجزاء العالم ، والمجموع إذا كان مركّبا من الأجزاء كان الإمكان واجبا له ضرورة (ش ، ن ، ١٣ ، ٢)
ـ إنّ الفعل كان مقدورا للباري سبحانه وتعالى قبل تعلّق القدرة الحادثة ، أي هي على حقيقة الإمكان صلاحية ، والقدرة على حقيقة الإيجاد صلاحية ، ونفس تعلّق القدرة الحادثة لم تخرج الصلاحيتين عن حقيقتهما ، فيجب أن تبقى على ما كانت عليه من قبل ، ثم يضاف إلى كل واحد من المتعلّقين ما هو لائق (ش ، ن ، ٨٢ ، ٦)
ـ نقول إنّ إمكان الممكن من حيث إمكانه أمر لذاته ، وهو من هذا الوجه غير محتاج إلى الفاعل ، وليس للفاعل جعله ممكنا ، لكن من حيث ترجيح أحد طرفي الإمكان ، كان محتاجا إلى الفاعل (ش ، ن ، ١٥٥ ، ١٧)
ـ علّة الحاجة إلى المؤثّر الإمكان لا الحدوث (ف ، م ، ٦٦ ، ١٥)
ـ إنّ الإمكان أيضا ليس هو في نفسه حقيقة وجوديّة ولا ذاتا حقيقيّة ، وإنّما حاصله يرجع إلى نفي (لزوم) المحال من فرض وجود الشيء وعدمه ، وذلك لا يستدعي مادة يضاف إليها ولا يقوم بها ، إذ هو في المعنى ليس إلّا من القضايا السلبية دون الإيجابيّة. كيف وإنّ ذلك مما لا يصحّ ادّعاؤه من الخصم وإلّا كان واجبا لذاته أو لغيره : فإن كان واجبا لذاته فقد لزم اجتماع واجبين ، وهو خلاف ما مهّدت قاعدته. وإن كان وجوبه لغيره لزم أن يكون لذاته ممكنا. ثم ولو استدعى الإمكان مادة يضاف إليها سابقة على كون ما قيل له ممكن لكان كل ممكن هكذا ، وذلك مما يخرم قاعدة المحقّقين من الإلهيين في النفوس الإنسانيّة والجواهر الصوريّة ، فإنّها في أنفسها ليست ماديّة ، وإن كانت ممكنة ، وجودها بعد ما لم تكن. فإذا الواجب أن يتصوّر من إمكان كل موجود بعد العدم ما يتصوّره الخصم من إمكان النفوس الإنسانيّة والجواهر الصوريّة وغير ذلك من الأمور البسيطة الغير الماديّة (م ، غ ، ٢٧٢ ، ١٠)
ـ الحقّ أنّ الوجوب والإمكان والامتناع أمور معقولة تحصل في العقل من إسناد المتصوّرات إلى الوجود الخارجيّ ، وهي في أنفسها