لموجود يليق هو به ، وفى قوّته أن يتجمّل بذلك الكمال من حيث إنّه عدم الكمال اللاّئق به بحسب نفس الأمر أو من حيث إنّ ذلك العدم غير لائق أو غير مؤثر عنده ، وإنّ الموجودات ليست من حيث هى موجودات بشرور ، وإنّما هى شرور بالقياس إلى الأشياء العادمة كمالاتها ، لا لذواتها وبما هى موجودات ، بل لما يتّفق من كونها مؤدّية إلى تلك الأعدام.
فالشّرور أمور إضافيّة مقيسة إلى نظامات شخصيّة لأفراد بخصوصيّاتها وأشخاص بأعيانها. وتلك الامور الإضافيّة إمّا شرور بالحقيقة ، بمعنى أنّها شرور لتلك الشّخصيّات بحسب نفس الأمر ، أو بالقياس ، بمعنى أنّها شرور لتلك الأشخاص عندها بحسب عدم إيثار الطّبائع والنّفوس إيّاها. وهى بأىّ ما أخذ من المعنيين إنّما هى بالقياس إلى النّظامات الشّخصيّة من حيث شخصيّة النّظام الجزئىّ. وأمّا بالقياس إلى الكلّ والنّظام الجملىّ. فلا شرّ أصلا ، لا فى نفس الأمر بالنّسبة ولا عنه.
فمن المترقّب تحقيقه لك من ذى قبل إن شاء اللّه ـ تعالى ـ التّبرهن على أن النّظام الجملىّ ليس يمكن أن يتصوّر على ما هو أفضل وأتمّ ممّا هو عليه. وتقرّر نظام فوق تجوهر هذا النّظام فى الفضل والتّمام من الممتنعات بالذّات ، وإنّما يختلق الذّهن أنّ هذا المفهوم عنوانه بحسب التّقدير.
وكذلك هذا النّظام الموجود فى عالم الطّبيعة أيضا على أتمّ ما يمكن أن يكون وأفضله ، ولا نظام أتمّ فى أفق الإمكان بالذّات وأنّه ليس فى الموجودات أمر ما بالاتّفاق ، بل كلّه : إمّا طبيعيّ بحسب ذاته ، كحركة الحجر إلى أسفل ؛ وإمّا طبيعيّ بالنّظر إلى ذات الكلّ وطباع النّظام الجملىّ وإن لم يكن طبيعيّا بالقياس إلى ذاته وبالنّظر إلى طباع النّظام الجزئىّ ، كوجود الأصابع آلة للإنسان. وكلّ أجل فإنّه طبيعىّ بالقياس إلى طباع شخص النّظام الجملىّ الشّريف الكريم التامّ الفاضل وإن لم يكن طبيعيّا بالقياس إلى شخصيّة النّظام الجزئىّ بطباعه الفردىّ.
ثمّ حقّ المسألة ، على ما أدّى إليه إسباغ النّظر لطبخ الفلسفة وفسخ التّفلسف وبلوغ الفحص ، استيجاب أن تنضج الحكمة نضجا تجنى أنّ الماهيّات الإمكانيّة