بحسب التّألّف عن علّتها هو بعينه صدوره عن تلك العلّة. فإذا لم يكن كذلك كمجموع القيّوم الواجب بالذّات ومعلوله الأوّل ، مثلا ، لم تكن له فاقة المجعوليّة إلاّ بحسب فاقة بعض الأجزاء ، أى : الّذي هو الجائز المعلول دون الّذي هو القيّوم الواجب وإن كان له بحسب نفسه بما له معروضيّة اعتبار التّألّف فاقة التألّف. فعلّته التّامّة من جهة فاقة التألّف نفس الأجزاء بالأسر. وما فيه الافتياق والاستناد هو أن يتمّ تحصّل حقيقته حتى ينظر أنّها هل تفتاق فى تقرّرها إلى جاعل أم لا.
وأمّا من جهة فاقة المجعوليّة ولا يكون النّظر فيها إلاّ بعد تمام تقوّم الحقيقة والفراغ عن لحاظ تحصّلها ، فلا صدور عن علّة ولا استناد إلى مؤثّر إلاّ باعتبار الجزء المعلول فقط. ولعلّ به عضة من الّذي حصّلناه هو ما ريم بقول شيخ مشّائيّة الإسلاميّين فى طبيعيّات الشفاء.
ثمّ الفاعل والغاية كأنّهما ليسا مبدأين غير قريبين من المركّب المعلول ؛ فإنّ الفاعل إمّا أن يكون مهيّأ للمادّة ، فيكون سببا لإيجاد المادّة القريبة من المعلول ، لا سببا قريبا من المعلول أو يكون معطيا للصّورة ، فيكون سببا لإيجاد الصّورة القريبة ، والفاقة سبب للفاعل وسبب للصّورة والمادّة (١٧٥) بسبب تحريكها للفاعل للمركّب.
فالمبادى القريبة من الشّيء هى الهيولى والصّورة ، ولا واسطة بينهما وبين الشّيء ، بل هما علّتان على أنّهما جزء آن يقوّمانه بلا واسطة. وإن اختلف تقديم كلّ منهما فكان هذا علّة غير العلّة الّتي هى ذاك ، فيكون قد رام بذلك أنّ علّة مقتضية وجود المركّب إنّما يكون إفاضتها بأن تفيض وجود الأجزاء بالأسر الّتي هى جملة العلل لتقوّم حقيقته المفتاقة إلى علّة مفيضة فتستتبع تلك الإفاضة بعينها وجود المركّب الّذي هو مجموع الأجزاء من حيث لحوق اعتبار التّألّف.
فأحقّ ما ينسب إليه العقل الصّدور عن العلّة بإفاضة بعينها أوّلا هو نفس الأجزاء بالأسر. ثمّ مجموع الأجزاء الّذي هو المركّب ، لا باستيناف إفاضة ، بل بعين تلك الإفاضة ، ولم يرم أنّها تفيض الأجزاء ثمّ الأجزاء تفيض المركّب ، كيف