عليه ، بل ذلك توهّم كاذب مختلق. وإنّما اخرج الزّمان بهويّته الممتدّة من ذلك اللّيس الصّرف إلى الأيس فى وعاء الدّهر مرّة واحدة دهريّة غير زمانيّة.
فإذن ، ليس مسبوقيّة الزّمان بهذا اللّيس المطلق المعبّر عنه باللاّخلاء واللاّملأ الزّمانىّ ممّا يوجب وجود الآن بالفعل ، ولا أيضا تناهى مقداره بحسب الكميّة يستوجب حصول طرف له بالفعل يكون وراءه عدم ينتهى هو إليه.
فإذن ، اللاّخلأ واللاّملأ المكانىّ واللاّخلاء واللاّملأ الزّمانىّ ليسا بمتضاهيين فى الخواصّ والأحكام ، ولا نسبة الأوّل إلى أبعاد وعاء المكان كنسبة الثّاني إلى امتداد افق الزّمان. فالفلك الأقصى بمقدار جرمه منته إلى اللاّخلأ واللاّملأ المكانىّ كنسبة لا مسبوقيّته وبمقدار حركته مسبوق باللاّخلاء واللاّملاء الزّمانىّ لا منته إليه فقط.
وهذا من أصعب مسالك العلم على الطور المشهور وأخفى ما يقرب من الغوامض عن بصائر الجمهور ، وهو من أدقّ الأسرار الخفيّة فى الحكمة الحقيقيّة وسيعاد عليك فى مظانّ البيان إن شاء اللّه تعالى.
<٣٨> إيقاظ حدسيّ
يشبه أنّ الّذي لا يتعدّاه الحقّ هو أنّ الزّمان ، كما أنّ محلّه حركة مستديرة وحامل محلّه جرم مستدير ، فكذلك (١٦٣) هو أيضا ليس بمستقيم الامتداد ، بل إنّه امتداد مستدير ، وهو كم متصل غير ذى وضع منطبق على حركة مستديرة هو مقدارها الحالّ فيها وعلى محيط دائرة عظيمة هى منطقة تلك الحركة ومنطقة الفلك الأعظم ، بل منطقة العالم الجسمانيّ بأسره وأنّ الكره القصيا خلقت واخرجت من اللّيس الصّريح إلى الأيس الدّهرىّ متحرّكة حركة مستديرة غير منبتّة فى الآباد ، لا أنّها ابدعت ثمّ تحرّكت ، وتلك الحركة واحدة فى أنفسها متّصلة غير منقطعة الاتصال.
فإذا عيّن لها بحسب الفرض الانتزاعىّ مبدأ بالفعل تحصّلت بذلك عند العود إليه دورة تامّة واحدة ، ثمّ اعتبرت بعد ذلك دورات تامّات متكثّرات ، وكلّ دورة