بذلك لإرادة الإنصاف في الجدال ، وهو أوصل إلى الغرض ، أو باقيتين على
معناها والمعنى : وإنّا لمهتدون أو ضالون وأنتم كذلك ، وإنما قاله للتعريض بضلالهم
، كقول الرجل لخصمه إذا أراد تكذيبه : إنّ أحدنا لكاذب.
٦ ـ قوله تعالى
: (وَما أَرْسَلْنا فِي
قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ ..) [سبأ : ٣٤].
لم يقل فيه :
" مّن قبلك" أو" قبلك" كما في غيرها ، لأن ما هنا إخبار مجرّد
، وفي غيره إخبار للنبي صلىاللهعليهوسلم وتسلية له ..
٧ ـ قوله تعالى
: (قُلْ لا تُسْئَلُونَ
عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ..)
[سبأ : ٢٥].
لم يذكر"
كنتم" كما قاله في غيره ، لأن قوله هنا : (تَعْمَلُونَ) وقع في مقابلة (أَجْرَمْنا) في قوله : (قُلْ لا تُسْئَلُونَ
عَمَّا أَجْرَمْنا) أي أذنبنا ، وضمير أجرمنا للنبي صلىاللهعليهوسلم والمراد غيره ، وغيره صدر منه ذنب فعبّر عنه بالماضي.
والمخاطب في (تَعْمَلُونَ :) الكفّار ، وكفرهم واقع في الحال ، وفي المستقبل ظاهرا ،
فعبّر عنه بالمضارع فلا يناسبه" كنتم" مع أن الخطاب في ذلك واقع في
الدنيا ، والخطاب في غيره نحو : (ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ
بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأنعام : ٦٠] واقع في الآخرة ، فناسبه التعبير ب (كُنْتُمْ.)
٨ ـ قوله تعالى
: (بَلْ كانُوا
يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) [سبأ : ٤١].
إن قلت : كيف
قالت الملائكة في حقّ المشركين ذلك ، مع أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه عبد الجنّ؟
قلت : معناه
أنهم كانوا يطيعون الشياطين ، فيما يأمرونهم به من عبادة غير الله تعالى ، فالمراد
بالجنّ الشياطين ، على أن الكرماني جزم بأنهم عبدوا الجن أيضا.
" تمت سورة سبأ"